أعراض الدنيا، ولو جاز ذلك لجاز للحكام أخذ الرشى على الحكم، وقد جعل الله ذلك سحتا محرما.
فإن احتج محتج بحديث سهل بن سعد في قصة المرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم قد وهبت نفسي لك فقال رجل زوجنيها، إلى أن قال: " هل معك من القرآن شئ " قال:
نعم، سورة كذا، فقال عليه السلام: " قد زوجتكها بما معك من القرآن "، وبما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج الباهلي عن عسل عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة بنحو قصة سهل بن سعد في أمر المرأة، وقال فيه: " ما تحفظ من القرآن؟ " قال: سورة البقرة أو التي تليها، قال: " قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك ". قيل له:
معناه لما معك من القرآن، كما قال تعالى: (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون) [غافر: 75] ومعناه: لما كنتم تفرحون. وأيضا كون القرآن معه لا يوجب أن يكون بدلا، والتعليم ليس له ذكر في هذا الخبر، فعلمنا أن مراده: أني زوجتك تعظيما للقرآن ولأجل ما معك من القرآن، وهو كما روى عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: إني آمنت بهذا الرجل وشهدت أنه رسول الله فإن تابعتني تزوجتك، قال: فأنا على ما أنت عليه، فتزوجته، فكان صداقها الاسلام. ومعناه أنها تزوجته لأجل إسلامه، لأن الاسلام لا يكون صداقا لأحد في الحقيقة. وأما حديث إبراهيم بن طهمان فإنه ضعيف السند، وقد روى هذه القصة مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد، فلم يذكر أنه قال: " علمها "، ولم يعارض بحديث إبراهيم بن طهمان، ولو صح هذا الحديث لم يكن فيه دلالة على أنه جعل تعليم القرآن مهرا، لأنه جائز أن يكون أمره بتعليمها القرآن ويكون المهر ثابتا في ذمته، إذ لم يقل: إن تعليم القرآن مهر لها.
مطلب: في قوله تعالى: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي) الآية فإن قيل: قال الله تعالى: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) [القصص: 27] فجعل منافع الحر بدلا من البضع. قيل له: لم يشرط المنافع للمرأة وإنما شرطها لشعيب النبي عليه السلام، وما شرط للأب لا يكون مهرا، فالاحتجاج به باطل في مسألتنا. وأيضا لو صح أنها كانت مشروطة لها وأنه إنما أضافها إلى نفسه لأنه هو المتولي للعقد، أو لأن مال الولد منسوب إلى الوالد كقوله صلى الله عليه وسلم: " أنت ومالك لأبيك " فهو منسوخ بالنهي عن الشغار.
وقوله تعالى: (أن تبتغوا بأموالكم) يدل على أن عتق الأمة لا يكون صداقا لها، إذ