تنزل سورة النور في الجلد نسختها هذه الآية: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) [النور: 2] قال: والسبيل الذي جعله لهن الجلد والرجم قال: فإذا جاءت اليوم بفاحشة مبينة فإنها تخرج وترجم بالحجارة، قال: وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية وفي قوله تعالى: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) قال: كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، وكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وبالضرب بالنعال، قال: فنزلت:
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) [النور: 2].
مطلب في أن رجم المحصن ثبت بالسنة قال: وإن كانا محصنين رجما بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فهو سبيلها الذي جعله الله لها، يعني قوله تعالى: (حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا). قال أبو بكر:
فكان حكم الزانية في بدء الاسلام ما أوجب من حدها بالحبس إلى أن يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا، ولم يكن عليها في ذلك الوقت شئ غير هذا، وليس في الآية فرق بين البكر والثيب، فهذا يدل على أنه كان حكما عاما في البكر والثيب.
وقوله تعالى: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما)، فإنه روي عن الحسن وعطاء:
" أن المراد الرجل والمرأة ". وقال السدي: " البكرين من الرجال والنساء ". وروي عن مجاهد: " أنه أراد الرجلين الزانيين ". وهذا التأويل الأخير يقال إنه لا يصح، لأنه لا معنى للتثنية ههنا، إذ كان الوعد والوعيد إنما يجيئان بلفظ الجمع لأنه لكل واحد منهم، أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس الشامل لجميعهم، وقول الحسن صحيح وتأويل السدي محتمل أيضا، فاقتضت الآيتان بمجموعهما أن حد المرأة كان الأذى والحبس جميعا إلى أن تموت، وحد الرجل التعيير والضرب بالنعال، إذ كانت المرأة مخصوصة في الآية الأولى بالحبس ومذكورة مع الرجل في الآية الثانية بالأذى فاجتمع لها الأمران جميعا، ولم يذكر للرجال إلا الأذى فحسب. ويحتمل أن تكون الآيتان نزلتا معا فأفردت المرأة بالحبس وجمعا جميعا في الأذى، وتكون فائدة إفراد المرأة بالذكر إفرادها بالحبس إلى أن تموت وذلك حكم لا يشاركها فيه الرجل، وجمعت مع الرجل في الأذى لاشتراكهما فيه. ويحتمل أن يكون إيجاب الحبس للمرأة متقدما للأذى، ثم زيد في حدها وأوجب على الرجل الأذى، فاجتمع للمرأة الأمران وانفرد الرجل بالأذى دونها. فإن كان كذلك فإن الإمساك في البيوت إلى الموت أو السبيل قد كان حدها، فإذا ألحق به الأذى صار منسوخا لأن الزيادة في النص بعد استقرار حكمه توجب النسخ، إذ كان الحبس في ذلك الوقت جميع حدها، ولما وردت الزيادة صار بعض حدها، فهذا يوجب أن يكون كون