أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ١٣٢
طرأ عليه الاسلام منها قبل القسمة قسم على حكم الاسلام ولم يعتبر وقت الموت، وليس هذا عند الأولين كذلك لأن حكم المواريث قد استقر في الشرع على وجوه معلومة، وقال الله تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) وقال: (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) [النساء: 176]، فأوجب لها الميراث بالموت، وحكم لها بالنصف وللزوج بالنصف بحدوث الموت من غير شرط القسمة، والقسمة إنما تجب فيما قد ملك، فلا حظ للقسمة في استحقاق الميراث، لأن القسمة تبع للملك، ولما كان ذلك كذلك وجب أن لا يزول ملك الأخت عنه بإسلام الابن كما لا يزول ملكها عنه بعد القسمة. وأما مواريث الجاهلية فإنها لم تقع على حكم الشرع، فلما طرأ الاسلام حملت على أحكام الشرع، إذا لم يكن ما وقع قبل ورود الشرع مستقرا ثابتا، فعفى لهم عما قد اقتسموه وحمل ما لم يقسم منها على حكم الشرع كما عفى لهم عن الربا المقبوض، وحمل بعد ورود تحريم الربا ما لم يكن مقبوضا على حكم الشرع، فأبطل وأوجب عليهم رد رأس المال، ومواريث الاسلام قد ثبتت واستقر حكمها ولا يجوز ورود النسخ عليها فلا اعتبار فيها بالقسمة ولا عدمها، كما أن عقود الربا لو أوقعت في الاسلام بعد تحريم الربا واستقرار حكمه لا يختلف فيه حكم المقبوض منها وغير المقبوض في بطلان الجمع.
مطلب: في حكم ردة الوارث بعد موت مورثه وأيضا لا خلاف نعلمه بين المسلمين أن من ورث ميراثا فمات قبل القسمة أن نصيبه من الميراث لورثته، وكذلك لو ارتد لم يبطل ميراثه الذي استحقه وأنه لا يكون بمنزلة من كان مرتدا وقت الموت، فكذلك من أسلم أو أعتق بعد الموت قبل القسمة فلا حظ له في الميراث، والله أعلم.
باب حد الزانيين قال الله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) الآية. قال: أبو بكر: لم يختلف السلف في أن ذلك كان حد الزانية في بدء الاسلام وأنه منسوخ غير ثابت الحكم، حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج وعثمان بن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) إلى قوله: (سبيلا)، قال وقال في المطلقات: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) [الطلاق: 1] قال: هذه الآيات قبل أن
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»