الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٢٩
تستعجلوه، وإن اعتقدتم أن الأصنام شافعة لكم عند الله فقد أخطأتم الظن سبحانه وتعالى عما يشركون.
ف‍ " أمر الله " هنا: أمر العذاب للمشركين، أما الفعل " أتى " فالمراد منه المستقبل الحتمي الوقوع على الرغم من وقوعه بصيغة الماضي، ومثل هذا كثير في الأسلوب البلاغي للقرآن.
واحتمل بعض المفسرين أن " أمر الله " إشارة إلى نفس العذاب وليس الأمر به.
واحتمل بعض آخر أن المراد به يوم القيامة.
ويبدو لنا أن التفسير الذي ذكرناه أقرب من غيره، والله العالم.
وبما أن مستلزمات العدل الإلهي اقتضت عدم العقاب إلا بعد البيان الكافي والحجة التامة، فقد أضاف سبحانه: ينزل الملائكة بالروح من أمره (1) على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا بناء على هذا الإنذار والتذكير فاتقون.
أما المقصود من " الروح " في الآية فهناك كلام كثير بين المفسرين في ذلك إلا أن الظاهر منها هو: الوحي والقرآن والنبوة.. والتي هي مصدر الحياة المعنوية للبشرية.
وقد فصل بعض المفسرين الوحي عن القرآن وعن النبوة، معتبرا ذلك ثلاثة تفاسير مستقلة للكلمة ولكن الظاهر رجوع الجميع إلى حقيقة واحدة.
وعلى أية حال فكلمة " الروح " في هذا الموضوع ذات جانب معنوي وإشارة إلى كل ما هو سبب لإحياء القلوب وتهذيب النفوس وهداية العقول، كما نقرأ في الآية الرابعة والعشرين من سورة الأنفال: يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله

1 - " من " في عبارة " من أمره " جاءت بمعنى " ب‍ " السببية.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»