مستباح العرض لا تحترم، فلم يبق للبلد حرمة حيث هتكت حرمتك، قال وهو المروي عن أبي مسلم كما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كانت قريش تعظم البلد وتستحل محمدا فيه، فقال: لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد يريد انهم استحلوك فكذبوك وشتموك، وكان لا يأخذ الرجل منهم قاتل أبيه فيه ويتقلدون لحاء شجر الحرم فيأمنون بتقليده إياه فاستحلوا من رسول الله ما لم يستحلوا من غيره فعاب الله ذلك عليهم. (1) ثم حلف بوالد وما ولد وللمفسرين في تفسيره أقوال أوضحها بأن الوالد هو إبراهيم الخليل والولد إسماعيل الذبيح وهذا يتناسب مع القسم بمكة، لان الوالد والولد هما رفعا قواعد البيت.
وأما تفسيرها بآدم وذريته، أو آدم والأنبياء، أو آدم وكل من ولد عبر القرون تفسير بعيد.
هذا كله حول القسم، وأما المقسم عليه، فقوله سبحانه: (لقد خلقنا الانسان في كبد). (2) والكبد في اللغة شدة الامر ومنه تكبد البلد إذا غلظ واشتد، ومنه الكبد للانسان، لأنه دم يغلظ ويشتد، وتكبد البلد: إذا صار كالكبد، ومعنى الآية واضح، فان الانسان منذ خلق إلى أن أدرج في أكفانه لم يزل يكابد أمرا فأمرا، فمن حمله وولادته ورضاعه وفطامه وشبابه وكماله وهرمه كل ذلك محفوف بالتعب والوصب، يقول الشاعر: