(والليل إذا يسر): أما الليل فمعلوم، وأما قوله يسر، فهو من سرى يسري فحذف الياء لأجل توحيد فواصل الآيات، ويستعمل الفعل في السير في الليل، كما في قوله سبحانه: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) (١)، فالليل ظرف والساري غيره، ولكن الآية نسبت الفعل إلى نفس الليل فكأن الليل موجود حقيقي له سير نحو الامام فهو يسير إلى جانب النور، فالله سبحانه حلف بالظلام المتحرك الذي سينجلي إلى نور النهار.
مضافا إلى ما في الليل من عظائم البركات التي لا تقوم الحياة إلا بها.
هذا ما يرجع إلى مجموع الآية ونعود إلى الآيات بشكل آخر، فنقول: اما الفجر فقد حلف به سبحانه بصورة أخرى أيضا، وقال: ﴿والصبح إذا أسفر﴾ (2) وقال تبارك وتعالى: (والصبح إذا تنفس (3)، والمراد من الجميع واحد، فإن إسفار الصبح في الآية الأولى هو طلوع الفجر الصادق، فكأن الصبح كان مستورا بظلام الليل، فهو رفع الستار وأظهر وجهه، ولذلك استخدم كلمة أسفر يقال:
أسفرت المرأة: إذا رفع حجابها.
ويعود سبب تعاقب الليل والنهار إلى دوران الأرض حول الشمس، فبسبب كرويتها لا تضيئ الشمس سائر جهاتها في آن واحد بل تضيئ نصفها فقط ويبقى النصف الآخر مظلما حتى يحاذي الشمس بدوران الأرض فيأخذ حظه من الاستنارة، وتتم الأرض هذه الدورة في أربعة وعشرين ساعة.
كما أن المراد من الآية الثانية أعني: (والصبح إذا تنفس) هو انتشار نوره،