الكعبة البيت الحرام قياما للناس) (1) فلو حلف بالبلد، فإنما لأجل احتضانه أشرف بيوت الله، ويزيد على شرفه ان النبي الخاتم، قطين هذا البلد، ونزيله، فزاده شرفا على شرف، والحل هو الساكن.
وبذلك يعلم أن ذكره (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا النحو هو في الواقع حلف ضمني به.
وهذا التفسير مبني على أن المراد من الحل هو نزول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا البلد، ولكن ربما يفسر بالمستحل، أي من استحلت حرمته وهتكت كرامته، وعند ذلك ينقلب معنى الآية إلى شئ آخر، ويكون معناها هو: لا أقسم بهذا البلد المقدس حال انك مهتوك الحرمة والكرامة، ويكون توبيخا وتقريعا لكفار قريش حيث إنهم يحترمون البلد، ولا يحترمون من حل فيه أشرف الخليقة.
وعلى ذلك فيكون لا في (لا أقسم) بمعنى النفي لا الزيادة، ولا بمعنى نفي شئ آخر على ما قدمناه في تفسير سورة الواقعة.
يقول الزمخشري: أقسم سبحانه بالبلد الحرام وما بعده على أن الانسان خلق مغمورا في مكابدة المشاق والشدائد، واعترض بين القسم والمقسم عليه بقوله:
(وأنت حل بهذا البلد) يعني: ومن المكابدة أن مثلك على عظم حرمتك يستحل بهذا البلد الحرام، كما يستحل الصيد في غير الحرم، عن شرحبيل يحرمون أن يقتلوا بها صيدا ويعضدوا بها شجرة ويستحلون إخراجك وقتلك، وفيه تثبيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعث على احتمال ما كان يكابد من أهل مكة وتعجيب من حالهم في عداوته. (2) وقال الطبرسي: معناه لا أقسم بهذا البلد وأنت حل فيه منتهك الحرمة