المعنى الشهادة للأمثل: فإن ظننت أن الله عني بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين، أفترى ان من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة، ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟ كلا: لم يعن الله مثل هذا من خلقه، يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وهم الأمة الوسطى، وهم خير أمة أخرجت للناس. (1) الحلف بالنبي كناية ربما يحلف القرآن الكريم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كناية، قال سبحانه: (لا أقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد * لقد خلقنا الانسان في كبد). (2) والحل بمعنى المقيم وكأنه سبحانه يقول: وأنت يا محمد مقيم به، وهو محلك وهذا تنبيه على شرف البلد بشرف من حلبه وهو الرسول الداعي إلى توحيده، وإخلاص عبادته، وبيان أن تعظيمه له وقسمه به لأجله ولكونه حالا فيه، كما سميت المدينة طيبة لأنها طابت به حيا وميتا. (3) وكأن الآية تشير إلى المثل المعروف شرف المكان بالمكين، وان قداسة مكة والداعي إلى الحلف بها هو احتضانها للنبي يقول العلامة الطباطبائي: والحل مصدر كالحلول بمعنى الإفاضة والاستقرار في مكان، والمصدر بمعنى الفاعل، والمعنى:
أقسم بهذا البلد، والحال انك حال به مقيم فيه، وفي ذلك تنبيه على تشرف مكة بحلوله فيها وكونها مولده ومقامه. (4)