تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٥٤٢
بسم الله الرحمن الرحيم هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * (1) * إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلنه سميعا) * بصيرا * (2) * إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * (3) * إنا اعتدنا للكافرين سلسلا وأغلالا وسعيرا * (4) * إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * (5) * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * (6) * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا * (7) * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * (8) * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * (9) * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * (10) * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * (11) * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا * (12) * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا * (13) * ودانية عليهم ظللها وذللت قطوفها تذليلا * (14) * ويطاف عليهم بانية من فضة وأكواب كانت قواريرا * (15) * قواريرا من فضة قدروها تقديرا * (16) * ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا * (17) * عينا فيها تسمى سلسبيلا * (18) *
____________________
(76 - سورة الإنسان إحدى وثلاثون آية مدنية وقيل كلها مكية، ويكذبه النقل الصحيح (بسم الله الرحمن الرحيم) (هل أتى على الإنسان) جنسه (حين من الدهر) طائفة من الزمان الغير المحدود (لم يكن شيئا مذكورا) بالإنسانية بل كان عنصرا ونطفة وقيل أريد بالإنسان آدم (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه) أخلاط لأنه من مجموع ماء الزوجين (فجعلناه) بسبب الابتلاء (سميعا بصيرا) ليسمع الآيات ويبصر الدلائل فتلزمه الحجة (إنا هديناه السبيل) بنصب الأدلة (إما شاكرا وإما كفورا إنا اعتدنا للكافرين سلاسل (1)) يسلكون فيها (وأغلالا) في أعناقهم وأيديهم (وسعيرا) يصلونها (إن الأبرار) جمع بر أو بار والمراد بهم علي وفاطمة وابناهما بإجماع أهل البيت وشيعتهم وتضافر روايات العامة والخاصة (يشربون من كأس) إناء فيه خمر أو من خمر (كان مزاجها كافورا) يخلق فيها رائحته وبياضه وبرده وقيل اسم عين في الجنة تشبه الكافور (عينا يشرب بها) منها (عباد الله يفجرونها تفجيرا) يجرونها حيث شاؤوا بسهولة (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره) هواه (مستطيرا) منتشرا ذاهبا في الجهات (ويطعمون الطعام على حبه) حب الله أو الطعام أي مع حاجتهم إليه (مسكينا ويتيما) من المسلمين (وأسيرا) من الكفار أخذ من دار الحرب وقيل من المسلمين ويعم المحبوس والمملوك قائلين بلسان الحال (إنما نطعمكم لوجه الله) لطلب رضاه خاصة روي أنهم لا يتكلمون به ولكن علمه الله منهم فأثنى عليهم (لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا) ولا شكرا على الإطعام (إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا) مكفهرا لشدته كالأسد العبوس أو تعبس به الكفار لهوله (قمطريرا) شديد العبوس (فوقاهم الله شر ذلك اليوم) الذي يخافونه (ولقاهم نضرة) حسنا بهاء في وجوههم (وسرورا وجزاهم بما صبروا) على التكاليف والإيثار مع شدة الحاجة (جنة) يسكنونها (وحريرا) يلبسونه (متكئين فيها على الأرائك) الأسرة في الحجال أو المساند (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا) أي لا يجدون حرا ولا بردا والزمهرير القمر أي هي مضيئة بذاتها لا لشمس ولا قمر (ودانية عليهم ظلالها) أشجارها (وذللت قطوفها تذليلا) سهل أخذ ثمارها للمتناول كيف شاء (ويطاف عليهم بانية من فضة وأكواب) أقداح لا عرى لها (كانت قواريرا قواريرا من فضة) أي جامعة لصفاء الزجاج وبياض الفضة فيرى باطنها من ظاهرها (قدروها تقديرا) أي قدروها في أنفسهم على صنعة فجاءت كما قدروها أو قدر الطائفون شرابها على قدر ريهم لا يزيد ولا ينقص وذلك ألذ للشارب (ويسقون فيها كأسا) خمرا (كان مزاجها زنجبيلا) في الطعم والعرب تستلذه (عينا فيها تسمى سلسبيلا) من السلاسة على زيادة الباء لسلاسة مساغها في الحلق ويفيد نفى لذع الزنجبيل المنافى للسلاسة...

(1) سلاسلا.
(٥٤٢)
مفاتيح البحث: الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 ... » »»