تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٨٤
آمنوا بالبطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون * (52) * ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون * (53) * يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة * بالكافرين * (54) * يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون * (55) * يا عبادي الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياي فاعبدون * (56) * كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون * (57) * والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العملين * (58) * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون * (59) * وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم * (60) * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون * (61) * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شئ عليم * (62) * ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون * (63) * وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار
____________________
آمنوا بالباطل) بإلهية غير الله (وكفروا بالله) منكم (أولئك هم الخاسرون) في صفقتهم حيث اشتروا الباطل بالحق (ويستعجلونك بالعذاب) استهزاء (ولولا أجل مسمى) لعذابهم (لجاءهم العذاب) عاجلا (وليأتينهم بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بإتيانه (يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) بناء على تجسم الأعمال والظاهر ولكن لا يظهر أثرها في هذا العالم بل في الآخرة أو كالمحيط بهم لإحاطة الكفر واللام للجنس فتعمهم حكمة أو للعهد بوضع الظاهر موضع الضمير إشعارا بموجب الحكم (يوم يغشاهم العذاب) ظرف لمحيطة (من فوقهم ومن تحت أرجلهم) يغطيهم مبتدئا من الجهتين (ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون) أي جزاءه (يا عبادي (1) الذين آمنوا إن أرضي (2) واسعة) فهاجروا عن أرض لم يتيسر لكم فيها العبادة إلى أرض يتيسر فيها (فإياي) نصب بما يفسره (فاعبدون (3)) والفاء جواب شرط مقدر أي إن لم تخلصوا للعبادة لي في الأرض فأخلصوها في غيرها (كل نفس ذائقة الموت) واجدة كربه (ثم إلينا ترجعون (4)) بعده للجزاء (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم) لننزلنهم (من الجنة غرفا) أعالي وقرئ لنثوينهم من الإثواء الإقامة (تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين) أجرهم (الذين صبروا) على أذى الكفر والبليات ومشقة الهجرة أو الطاعات (وعلى ربهم) لا غيره (يتوكلون) في المهمات (وكأين (5)) وكم (من دابة لا تحمل رزقها) لضعفها عن حمله أو لا ندخره (الله يرزقها) مع ضعفها (وإياكم) مع قوتكم على الكسب والحمل لا يرزق الكل إلا هو لأنه المسبب لأسباب رزقهم، قيل لما أمروا بالهجرة فقال بعضهم كيف نقدم بلدة لا معيشة لنا فيها فنزلت (وهو السميع) لقولكم (العليم) بسركم (ولئن سألتهم) أي أهل مكة (من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) مقرين بأنه الفاعل لذلك (فأنى يؤفكون) يصرفون عن توحيده مع إقرارهم بذلك (الله يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء من عباده ويقدر) يضيق (له) بعد البسط فالأمران لواحد أو ويقدر لمن يشاء على وضع الهاء موضعه مبهمة مثله فليسا لواحد (إن الله بكل شئ عليم) يعلم موضع البسط والتقتير (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله) فكيف يشركون به الجماد (قل الحمد لله) على ما وفقك لتوحيده أو على إلزامهم الحجة (بل أكثرهم لا يعقلون) أن إقرارهم به مبطل لشركهم (وما هذه الحياة الدنيا) الحقيرة (إلا لهو ولعب) إلا كما يلهو ويلعب الصبيان ساعة ثم يتفرقون (وإن الدار...

(1) عبادي: بسكون الياء.
(2) أرضى: بفتح الياء.
(3) فاعبدوني.
(4) ترجعون: بفتح أوله.
(5) وكاءن - وكأى: بتشديد الياء بالكسر غير منونة - وكأى: بسكون الياء قف.
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»