تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٧٤
الصرم صبيحة ليلتهم " ولا يستثنون " لم يقولوا إلا أن يشاء الله اعتمادا على أنفسهم واتكاء على ظاهر الأسباب. أو المعنى: قالوا وهم لا يعزلون نصيبا من ثمارهم للفقراء والمساكين.
" فطاف عليها " على الجنة " طائف " أي بلاء يطوف عليها ويحيط بها ليلا " من " ناحية " ربك، فأصبحت " وصارت الجنة " كالصريم " وهو الشجر المقطوع ثمره أو المعنى:
فصارت الجنة كالليل الأسود لما اسودت بإحراق النار التي أرسلها الله إليها أو المعنى:
فصارت الجنة كالقطعة من الرمل لا نبات بها ولا فائدة.
قوله تعالى: " فتنادوا مصبحين - إلى قوله - قادرين " التنادي نداء بعض القوم بعضا، والاصباح الدخول في الصباح، وصارمين من الصرم بمعنى قطع الثمار من الشجرة، والمراد به في الآية القاصدون لقطع الثمار، والحرث الزرع والشجر، والخفت الاخفاء والكتمان، والحرد المنع وقادرين من القدر بمعنى التقدير.
والمعنى: " فتنادوا " أي فنادى بعض القوم بعضا " مصبحين " أي والحال أنهم داخلون في الصباح " أن أغدوا على حرثكم " تفسير للتنادي أي بكروا مقبلين على جنتكم - فأغدوا أمر بمعنى بكروا مضمن معنى أقبلوا ولذا عدي بعلى ولو كان غير مضمن عدي بإلى كما في الكشاف - " إن كنتم صارمين " أي قاصدين عازمين على الصرم والقطع.
" فانطلقوا " وذهبوا إلى جنتهم " وهم يتخافتون " أي والحال أنهم يأتمرون فيما بينهم بطريق المخافتة والمكاتمة " أن لا يدخلنها " أي الجنة " اليوم عليكم مسكين " أي أخفوا ورودكم الجنة للصرم من المساكين حتى لا يدخلوا عليكم فيحملكم ذلك على عزل نصيب من الثمر المصروم لهم " وغدوا " وبكروا إلى الجنة " على حرد " أي على منع للمساكين " قادرين " مقدرين في أنفسهم أنهم سيصرمونها ولا يساهمون المساكين بشئ منها.
قوله تعالى: " فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون " أي فلما رأوا الجنة وشاهدوها وقد أصبحت كالصريم بطواف طائف من عند الله قالوا: " إنا لضالون عن الصواب في غدونا إليها بقصد الصرم ومنع المساكين.
وقيل: المراد إنا لضالون طريق جنتنا وما هي بها.
وقوله: " بل نحن محرومون " إضراب عن سابقه أي ليس مجرد الضلال عن الصواب بل حرمنا الزرع.
قوله تعالى: " قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون - إلى قوله - راغبون " أي
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست