ثم تبريه منه بعد الكفر عند الحاجة.
وقيل: المراد بالتمثيل الإشارة إلى قصة برصيصا العابد الذي زين له الشيطان الفجور ففجر بامرأة ثم كفر وسيأتي القصة في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
وقيل: المثل السابق المذكور في قوله: " كمثل الذين من قبلهم قريبا " مثل كفار مكة يوم بدر - كما تقدم - والمراد بالانسان في هذا المثل أبو جهل وبقول الشيطان له أكفر ما قصه الله تعالى بقوله في القصة: " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب " الأنفال: 48.
وعلى هذا الوجه فقول الشيطان: " إني أخاف الله رب العالمين " قول جدي لأنه كان يخاف تعذيب الملائكة النازلين لنصرة المؤمنين ببدر وأما على الوجهين الأولين فهو نوع من الاستهزاء والاخزاء.
قوله تعالى: " فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين " الظاهر أن ضمائر التثنية للشيطان والانسان المذكورين في المثل ففي الآية بيان عاقبة الشيطان في غروره الانسان وإضلاله والانسان في اغتراره به وضلاله، وإشارة إلى أن ذلك عاقبة المنافقين في وعدهم لبني النضير وغدرهم بهم وعاقبة بني النضير في اغترارهم بوعدهم الكاذب وإصرارهم على المشاقة والمخالفة، ومعنى الآية ظاهر.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطا من بني عوف بن الحارث منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير أن أثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله الرعب في قلوبهم.
فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ففعل فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به