تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٢
أنهم كانوا قوما من أهل الكتاب دار أمرهم بين الخروج والقتال بعد قوم آخر كذلك وليس إلا بني النضير بعد بني قينقاع.
وقوله: " لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم " مقول قول المنافقين، واللام في " لئن أخرجتم " للقسم أي نقسم لئن أخرجكم المسلمون من دياركم لنخرجن من ديارنا معكم ملازمين لكم ولا نطيع فيكم أي في شأنكم أحدا يشير علينا بمفارقتكم أبدا، وإن قاتلكم المسلمون لننصرنكم عليهم.
وقوله: " والله يشهد إنهم لكاذبون " تكذيب لوعد المنافقين، وتصريح بأنهم لا يفون بوعدهم.
قوله تعالى: " لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم " تكذيب تفصيلي لوعدهم بعد تكذيبه الاجمالي بقوله: " والله يشهد إنهم لكاذبون " وقد كرر فيه لام القسم، والمعنى: أقسم لئن أخرج بنو النضير لا يخرج معهم المنافقون، وأقسم لئن قوتلوا لا ينصرونهم.
قوله تعالى: " ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم لا ينصرون " إشارة إلى أن نصرهم على تقدير وقوعه منهم - ولن يقع أبدا - لا يدوم ولا ينفعهم بل يولون الادبار فرارا ثم لا ينصرون بل يهلكون من غير أن ينصرهم أحد.
قوله تعالى: " لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله " الخ، ضمائر الجمع للمنافقين، والرهبة الخشية، والآية في مقام التعليل لقوله: " ولئن نصروهم ليولن الادبار " أي ذلك لأنهم يرهبونكم أشد من رهبتهم لله فلا يقاومونكم لو قاتلتم ولا يثبتون لكم.
وعلل ذلك بقوله: " ذلك بأنهم قوم لا يفقهون " والإشارة بذلك إلى كون رهبتهم للمؤمنين أشد من رهبتهم لله أي رهبتهم لكم كذلك لأنهم قوم لا يفهمون حق الفهم ولو فقهوا حقيقة الامر بان لهم أن الامر إلى الله تعالى وليس لغيره من الامر شئ سواء في ذلك المسلمون وغيرهم، ولا يقوى غيره تعالى على عمل خير أو شر أو نافع أو ضار إلا بحول منه تعالى وقوة فلا ينبغي أن يرهب إلا هو عز وجل.
قوله تعالى: " لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر " بيان لاثر رهبتهم وجبنهم جميعا والمعنى: لا يقاتلكم بنو النضير والمنافقون جميعا بأن يبرزوا بل في قرى حصينة محكمة أو من وراء جدر من غير بروز.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست