تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٩
ابن مريم) الأحزاب: 7 وإنما قدم نوحا وبدء به للدلالة على قدم هذه الشريعة وطول عهدها.
ويستفاد من الآية أمور:
أحدها: أن السياق بما أنه يفيد الامتنان وخاصة بالنظر إلى ذيل الآية والآية التالية يعطي أن الشريعة المحمدية جامعة للشرائع الماضية ولا ينافيه قوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) المائدة: 48 لان كون الشريعة شريعة خاصة لا ينافي جامعيتها.
الثاني: أن الشرائع الإلهية المنتسبة إلى الوحي إنما هي شريعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليه السلام إذ لو كان هناك غيرها لذكر قضاء لحق الجامعية المذكورة.
ولازم ذلك أولا: أن لا شريعة قبل نوح (ع) بمعنى القوانين الحاكمة في المجتمع الانساني الرافعة للاختلافات الاجتماعية وقد تقدم نبذة من الكلام في ذلك في تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين) الآية البقرة: 213.
وثانيا: أن الأنبياء المبعوثين بعد نوح كانوا على شريعته إلى بعثة إبراهيم وبعدها على شريعة إبراهيم إلى بعثة موسى وهكذا.
الثالث: أن الأنبياء أصحاب الشرائع وأولي العزم هم هؤلاء الخمسة المذكورون في الآية إذ لو كان معهم غيرهم لذكر فهؤلاء سادة الأنبياء ويدل على تقدمهم أيضا قوله:
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم) الأحزاب: 7.
وقوله: (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا) أن تفسيرية، وإقامة الدين حفظه بالاتباع والعمل واللام في الدين للعهد أي أقيموا هذا الدين المشروع لكم، وعدم التفرق فيه حفظ وحدته بالاتفاق عليه وعدم الاختلاف فيه.
لما كان شرع الدين لهم في معنى أمرهم جميعا باتباعه والعمل به من غير اختلاف فسره بالامر بإقامة الدين وعدم التفرق فيه فكان محصله أن عليهم جميعا إقامة الدين
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست