وقيل: المراد بالاطعام تقديم الطعام إليه كما يقدم العبد الطعام إلى سيده والخادم إلى مخدومه فيكون المراد بالرزق تحصيل أصل الرزق وبالاطعام تقديم ما حصلوه والمعنى: ما أريد منهم رزقا يحصلونه لي فأرتزق به وما أريد منهم أن يقدموا إلى ما أرتزق به وأطعمه.
قوله تعالى: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) تعليل لقوله: (ما أريد منهم من رزق) الخ، والالتفات في الآية من التكلم وحده إلى الغيبة لانهاء التعليل إلى اسم الجلالة الذي منه يبتدئ كل شئ واليه يرجع كأنه قال: ما أريد منهم رزقا لأني أنا الرزاق لأني أنا الله تبارك اسمه.
والتعبير بالرزاق - اسم مبالغة - وكان الظاهر أن يقال: إن الله هو الرزاق للإشارة إلى أنه تعالى إذا كان رازقا وحده كان رزاقا لكثرة من يرزقه فالآية نظير قوله: (وما أنا بظلام للعبيد).
وذو القوة من أسمائه تعالى بمعنى القوي لكنه أبلغ من القوي، والمتين أيضا من أسمائه تعالى بمعنى القوي.
والتعبير بالأسماء الثلاثة للدلالة على انحصار الرزق فيه تعالى وأنه لا يأخذه ضعف في إيصال الرزق إلى المرتزقين على كثرتهم.
قوله تعالى: (فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون) الذنوب النصيب، والاستعجال طلب العجلة والحث عليها، والآية متفرعة على قوله:
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) بلازم معناه.
والمعنى: فإذا كان هؤلاء الظالمون لا يعبدون الله ولا عناية له بهم ولا سعادة من قبله تشملهم فإن لهم نصيبا من العذاب مثل نصيب أصحابهم من الأمم الماضية الهالكة فلا يطلبوا مني أن أعجل لهم العذاب ولا يقولوا متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، وأيان يوم الدين.
وفي الآية التفات من الغيبة إلى التكلم وحده وهو في الحقيقة رجوع من سياق الغيبة الذي في قوله: (إن الله هو الرزاق) الخ، إلى التكلم وحده الذي في قوله:
(وما خلقت) الخ، لتفرع الكلام عليه.