تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧١
وفي العيون في مجلس الرضا مع المأمون بإسناده إلى ابن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، - إلى أن قال - قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر).
قال الرضا عليه السلام: لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما - فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم، وقالوا أجعل الالهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب، وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاف فلما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال: يا محمد إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم، وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم. فقال المأمون: لله درك يا أبا لحسن.
وفي تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام.
أقول: وهذا المعنى مروي من طرق أهل السنة أيضا، والحديث لا يخلو من شئ لأنه مبني على كون المراد بالذنب في الآية هو المعصية المنافية للعصمة.
وفي الكافي بإسناده إلى جميل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) قال: الايمان قال عز من قائل:
(ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم).
أقول: (ظاهر الرواية أنه عليه السلام أخذ قوله تعالى في الآية: (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) تفسيرا للسكينة، وفي معنى الرواية روايات أخر.
وفيه بإسناده عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أيها العالم أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل الله شيئا إلا به. قلت: وما
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست