تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٦٨
على دمه وماله، وأن بيننا (1) عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهده دخل فيه.
فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا:
نحن في عقد قريش وعهدهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على أن تخلو بيننا وبين البيت فنطوف فقال سهيل:
والله ما تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل. فكتب فقال سهيل: على أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ومن جاءنا ممن معك لم نرده عليك فقال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من جاءهم منا فأبعده الله، ومن جاءنا منهم رددناه إليهم فلو علم الله الاسلام من قلبه جعل له مخرجا.
فقال سهيل: وعلى أنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة فإذا كان عام قابل خرجنا عنها لك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا ولا تدخلها بالسلاح إلا السيوف في القراب (2) وسلاح الراكب، وعلى أن هذا الهدي حيث ما حبسناه محله لا تقدمه علينا فقال: نحن نسوق وأنتم تردون.
فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف (3) في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنا لم نقض بالكتاب بعد. قال: والله إذا لا أصالحك على شئ أبدا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فأجره لي فقال: ما أنا بمجيره لك قال: بلى فافعل، قال ما أنا بفاعل. قال مكرز: بلى قد أجرناه قال أبو جندل بن سهيل: معاشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما قد لقيت؟
- وكان قد عذب عذابا شديدا -.

(1) أي يكون بيننا صدر نقي من الغل والخداع.
(2) القرب: جمع قرية بمعنى الغمد.
(3) رسف رسفا: إذا مشى مشي المقيد.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست