تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٨٨
لا يملكون لعبادهم شيئا قال تعالى: (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) المائدة: 76.
بل هي صفة مضافة إلى صفة مذكورة لتكون توطئه وتمهيدا لما سيذكره في الآية التالية من عداوتهم لهم وكفرهم بعبادتهم يوم القيامة فهم في الدنيا غافلون عن دعائهم وسيطلعون عليه يوم القيامة فيعادونهم ويكفرون بعبادتهم.
وفي الآية دلالة على سراية الحياة والشعور في الأشياء حتى الجمادات فإن الأصنام من الجماد وقد نسب إليها الغفلة والغفلة من شؤون ذوي الشعور لا تطلق إلا على ما من شأن موصوفه أن يشعر.
قوله تعالى: (حتى إذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) الحشر إخراج الشئ من مقره بإزعاج، والمراد بعث الناس من قبورهم وسوقهم إلى الحشر يوم القيامة فيومئذ يعاديهم آلهتم ويكفرون بشرك عبادهم بالتبري منهم كما قال تعالى: (ويوم القيامة يكفرون بشر ككم) فاطر: 14، وقال حكاية عنهم: (تبر أنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون) القصص: 63، وقال: (فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم أن كنا عن عبادتكم لغافلين) يونس: 29.
وفي سياق الآيتين تلويح إلى أن هذه الجمادات التي لا تظهر آثارها وقد تقدم بعض الكلام في ذيل قوله تعالى: (قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ) ألم السجدة: 21.
قوله تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) الآية والتي بعدها مسوقتان للتوبيخ، والمراد بالآيات البينات آيات القران تتلى عليهم، ثم بدلها من الحق الذي جاءهم حيث قال: (للحق لما جاءهم) - وكان مقتضى الظاهر أن يقال: (لها) للدلالة على أنها حق جاءهم لا مسوغ لرميها بأنها سحر مبين وهم يعملون أنها حق مبين فهم متحكمون مكابرون للحق الصريح.
قوله تعالى: (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا) الخ، (أم) منقطعة أي بل يقولون افترى القران على الله في دعواه أنه كلامه.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست