عليهم ما كانوا به يؤمنون " الشعراء: 199.
ولا ينافي ذلك عموم دعوته صلى الله عليه وآله وسلم لعامة البشر لان دعوته صلى الله عليه وآله وسلم كانت مرتبة على مراحل فأول ما دعى دعى الناس بالموسم فقوبل بإنكار شديد منهم ثم كان يدعو بعد ذلك سرا مدة ثم أمر بدعوة عشيرته الأقربين كما يشير إليه قوله تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء: 214 ثم أمر بدعوة قومه كما يشير إليه قوله: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " الحجر: 94 ثم أمر بدعوة الناس عامة كما يشير إليه قوله: " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " الأعراف: 158، وقوله:
وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " الانعام: 19.
على أن من المسلم تاريخا أنه كان من المؤمنين به سلمان وكان فارسيا، وبلال وكان حبشيا، وصهيب وكان روميا، ودعوته لليهود ووقائعه صلى الله عليه وآله وسلم معهم، وكذا كتابه إلى ملك إيران ومصر وحبشة والروم في دعوتهم إلى الاسلام كل ذلك دليل على عموم الدعوة.
قوله تعالى: " بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون " بشيرا ونذيرا " حالان من الكتاب في الآية السابقة، والمراد بالسمع المنفي سمع القبول كما يدل عليه قرينة الاعراض.
قوله تعالى: " وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه " إلى آخر الآية. قال الراغب: الكن ما يحفظ فيه الشئ. قال: الكنان الغطاء الذي يكن فيه الشئ والجمع أكنة نحو غطاء وأغطية قال تعالى: " وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ". انتهى.
فقوله: " قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه " كناية عن كون قلوبهم بحيث لا تفقه ما يدعو صلى الله عليه وآله وسلم إليه من التوحيد كأنها مغطاة بأغطية لا يتطرق إليها شئ من خارج.
وقوله: " وفي آذاننا وقر " أي ثقل من الصمم فلا تسمع شيئا من هذه الدعوة، وقوله: " ومن بيننا وبينك حجاب " أي حاجز يحجزنا منك فلا نجتمع معك على شئ مما تريد فقد أيأسوه صلى الله عليه وآله وسلم من قبول دعوته بما أخبروه أولا بكون قلوبهم في أكنة فلا تقع فيها دعوته حتى يفقهوها، وثانيا بكون طرق ورودها إلى القلوب وهي الاذان مسدودة فلا تلجها دعوة ولا ينفذ منها إنذار وتبشير، وثالثا بأن بينهم وبينه صلى الله عليه وآله وسلم