وربما استشكل في قوله: " وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي " أن فيه ضنا وبخلا، فإن فيه اشتراط أن لا يؤتى مثل ما أوتيه من الملك لاحد من العالمين غيره.
ويدفعه أن فيه سؤال ملك يختص به لا سؤال أن يمنع غيره عن مثل ما أتاه ويحرمه ففرق بين أن يسأل ملكا اختصاصيا وأن يسأل الاختصاص بملك أوتيه.
قوله تعالى: " فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب " متفرع على سؤاله الملك وإخباره عن إجابة دعوته وبيان الملك الذي لا ينبغي لاحد غيره وهو تسخير الريح والجن.
والرخاء بالضم اللينة و الظاهر أن المراد بكون الريح تجري بأمره رخاء مطاوعتها لامره وسهولة جريانها على ما يريده عليه السلام فلا يرد أن توصيف الريح ههنا بالرخاء يناقض توصيفه في قوله: " ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره " الأنبياء: 81 بكونها عاصفة.
وربما أجيب عنه بأن من الجائز أن يجعلها الله رخوة تارة وعاصفة أخرى حسب ما أراد سليمان عليه السلام.
وقوله: " حيث أصاب " أي حيث شاء سليمان عليه السلام وقصد وهو متعلق بتجري.
قوله تعالى: " والشياطين كل بناء وغواص " أي وسخرنا له الشياطين من الجن كل بناء منهم يبني له في البر وكل غواص يعمل له في البحر فيستخرج اللئالي وغيرها.
قوله تعالى: " وآخرين مقرنين في الأصفاد " الأصفاد جمع صفد وهو الغل من الحديد، والمعنى وسخرنا له آخرين منهم مجموعين في الأغلال مشدودين بالسلاسل.
قوله تعالى: " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " أي هذا الذي ذكر من الملك عطاؤنا لك بغير حساب والظاهر أن المراد بكونه بغير حساب أنه لا ينفد بالعطاء والمن ولذا قيل: " فامنن أو أمسك " أي أنهما يستويان في عدم التأثير فيه.
وقيل: المراد بغير حساب أنك لا تحاسب عليه يوم القيامة، وقيل: المراد أن إعطاءه تفضل لا مجازاة وقيل غير ذلك.
قوله تعالى: " وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب " تقدم معناه.