البعيد - 8. أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ان نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء ان في ذلك لآية لكل عبد منيب - 9.
(بيان) تتكلم السورة حول الأصول الثلاثة أعني الوحدانية والنبوة والبعث فتذكرها وتذكر ما لمنكريها من الاعتراض فيها والشبه التي ألقوها ثم تدفعها بوجوه الدفع من حكمة وموعظة ومجادلة حسنة وتهتم ببيان أمر البعث أكثر من غيره فتذكره في مفتتح الكلام ثم تعود إليه عودة بعد عودة إلى مختتمه.
وهي مكية بشهادة مقاصد آياتها على ذلك.
قوله تعالى: (الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) الخ، المطلوب بيان البعث والجزاء بيانا لا يعتريه شك بالإشارة إلى الحجة التي ينقطع بها الخصم والأساس الذي يقوم عليه ذلك أمران أحدهما عموم ملكه تعالى لكل شئ من كل جهة حتى يصح له أي تصرف أراد فيها من ابداء ورزق وإماتة واحياء بالإعادة وجزاء، وثانيهما كمال علمه تعالى بالأشياء من جميع جهاتها علما لا يطرأ عليه عزوب وزوال حتى يعيد كل من أراد ويجزيه على ما علم من أعماله خيرا أو شرا.
وقد أشير إلى أول الامرين في الآية الأولى التي نحن فيها والى الثانية في الآية الثانية وبذلك يظهر أن الآيتين تمهيد لما في الآية الثالثة والرابعة.
فقوله: (الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) ثناء عليه على ملكه المنبسط على كل شئ بحيث له أن يتصرف في كل شئ بما شاء وأراد.
وقوله: (وله الحمد في الآخرة) تخصيص الحمد بالآخرة لما أن الجملة الأولى تتضمن الحمد في الدنيا فان النظام المشهود في السماوات والأرض نظام دنيوي كما يشهد به قوله تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) إبراهيم: 48.