تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٥٢
عن حملها واشفاقهن منها عدم استعدادهن لها، وحمل الانسان لها استعداده، والكلام جار مجرى التمثيل.
وقيل: المراد بها العقل الذي هو ملاك التكليف ومناط الثواب والعقاب.
وقيل: هي قول لا إله إلا الله.
وقيل: هي الأعضاء فالعين أمانة من الله يجب حفظها وعدم استعمالها الا فيما يرتضيه الله تعالى، وكذلك السمع واليد والرجل والفرج واللسان.
وقيل: المراد بها أمانات الناس والوفاء بالعهود.
وقيل: المراد بها معرفة الله بما فيها وهذا أقرب الأقوال من الحق يرجع بتقريب ما إلى ما قدمنا.
وكذلك اختلف في معنى عرض الأمانة عليها على أقوال:
منها: أن العرض بمعناه الحقيقي غير أن المراد بالسماوات والأرض والجبال أهلها فعرضت على أهل السماء من الملائكة وبين لهم أن في خيانتها الاثم العظيم فأبوها وخافوا حملها وعرض على الانسان فلم يمتنع.
ومنها: أنه بمعناه الحقيقي وذلك أن الله لما خلق هذه الأجرام خلق فيها فهما وقال لها: انى فرضت فريضة وخلقت جنة لمن أطاعني فيها ونارا لمن عصاني فيها فقلن:
نحن مسخرات لما خلقتنا لا نحتمل فريضة ولا نبغي ثوابا ولا عقابا ولما خلق آدم عرض عليه ذلك فاحتمله وكان ظلوما لنفسه جهولا بوخامة عاقبته.
ومنها: أن المراد بالعرض المعارضة والمقابلة، ومحصل الكلام أنا قابلنا بهذه الأمانة السماوات والأرض والجبال فكانت هذه أرجح وأثقل منها.
ومنها أن الكلام جار مجرى الفرض والتقدير والمعنى: أنا لو قدرنا أن السماوات والأرض والجبال فهما، وعرضنا عليها هذه الأمانة لابين حملها وأشفقن منها لكن الانسان تحملها.
وبالمراجعة إلى ما قدمناه يظهر ما في كل من هذه الأقوال من جهات الضعف والوهن فلا تغفل.
(٣٥٢)
مفاتيح البحث: الأمانة، الإئتمان (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست