تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٤٨
ويحفظه الله فيما بقى من عمره عن اقتحام المهلكات وان رام شيئا من صغائر الذنوب غفر الله له فقد قال الله تعالى: (ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) النساء: 31، فملازمة القول السديد تسوق الانسان إلى صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب بإذن الله.
وقوله: (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) وعد جميل على الاتيان بجميع الأعمال الصالحة والاجتناب عن جميع المناهي بترتيب الفوز العظيم على طاعة الله ورسوله.
وبذلك تختتم السورة في معناها في الحقيقة لان طاعة الله ورسوله هي الكلمة الجامعة بين جميع الأحكام السابقة، من واجبات ومحرمات والآيتان التاليتان كالمتمم لمعنى هذه الآية.
قوله تعالى: (انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا - إلى قوله - غفورا رحيما) الأمانة - أيا ما كانت - شئ يودع عند الغير ليحتفظ عليه ثم يرده إلى من أودعه، فهذه الأمانة المذكورة في الآية شئ ائتمن الله الانسان عليه ليحفظ على سلامته واستقامته ثم يرده إليه سبحانه كما أودعه.
ويستفاد من قوله: (ليعذب الله المنافقين والمنافقات) الخ، أنه أمر يترتب على حمله النفاق والشرك والايمان، فينقسم حاملوه باختلاف كيفية حملهم إلى منافق ومشرك ومؤمن.
فهو لا محالة أمر مرتبط بالدين الحق الذي يحصل بالتلبس به وعدم التلبس به النفاق والشرك والايمان.
فهل هو الاعتقاد الحق والشهادة على توحده تعالى، أو مجموع الاعتقاد والعمل بمعنى أخذ الدين الحق بتفاصيله مع الغض عن العمل به، أو التلبس بالعمل به أو الكمال الحاصل للانسان من جهة التلبس بواحد من هذه الأمور.
وليست هي الأول أعني التوحيد فان السماوات والأرض وغيرهما من شئ توحده تعالى وتسبح بحمده، وقد قال تعالى: (وان من شئ الا يسبح بحمده) أسرى: 44، والآية تصرح بابائها عنه.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست