تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٣٩
وقد أوعدهم باللعن في الدنيا والآخرة واللعن هو الابعاد من الرحمة والرحمة الخاصة بالمؤمنين هي الهداية إلى الاعتقاد الحق وحقيقة الايمان، ويتبعه العمل الصالح فالابعاد من الرحمة في الدنيا تحريمه عليه جزاء لعمله فيرجع إلى طبع القلوب كما قال:
(لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية) المائدة: 13، وقال: (ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا) النساء: 46، وقال: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) سورة محمد: 23.
وأما اللعن في الآخرة فهو الابعاد من رحمة القرب فيها وقد قال تعالى: (كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) المطففين: 15.
ثم أوعدهم بأنه أعد لهم - أي في الآخرة - عذابا مهينا ووصف العذاب بالمهين لأنهم يقصدون باستكبارهم في الدنيا إهانة الله ورسوله فقوبلوا في الآخرة بعذاب يهينهم.
قوله تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا تقييد ايذائهم بغير ما اكتسبوا لان ايذاءهم بما اكتسبوا كما في القصاص والحد والتعزير لا اثم فيه.
وأما ايذاؤهم بغير ما اكتسبوا ومن دون استحقاق فيعده سبحانه احتمالا للبهتان والاثم المبين، والبهتان هو الكذب على الغير يواجهه به، ووجه كون الايذاء من غير اكتساب بهتانا أن المؤذى انما يؤذيه لسبب عنده يعده جرما له يقول: لم قال كذا؟
لم فعل كذا؟ وليس بجرم فيبهته عند الايذاء بنسبة الجرم إليه مواجهة وليس بجرم.
وكونه اثما مبينا لان الافتراء والبهتان مما يدرك العقل كونه اثما من غير حاجة إلى ورود النهى عنهما شرعا.
قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) الخ، الجلابيب جمع جلبات وهو ثوب تشتمل به المرأة فيغطى جميع بدنها أو الخمار الذي تغطي به رأسها ووجهها.
وقوله: (يدنين عليهن من جلابيبهن) أي يتسترن بها فلا تظهر جيوبهن وصدورهن للناظرين.
وقوله: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) أي ستر جميع البدن أقرب إلى أن
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست