تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٢٩
لما فيهما من تحول الأحوال فيناسب تسبيحه وتنزيهه من التغير والتحول وكل نقص طار، ويمكن أن يكون البكرة والأصيل معا كناية عن الدوام كالليل والنهار في قوله:
(يسبحون له بالليل والنهار) حم السجدة: 38.
قوله تعالى: (هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور) المعنى الجامع للصلاة على ما يستفاد من موارد استعمالها هو الانعطاف فيختلف باختلاف ما نسب إليه ولذلك قيل: ان الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الناس الدعاء لكن الذي نسب من الصلاة إلى الله سبحانه في القرآن هو الصلاة بمعنى الرحمة الخاصة بالمؤمنين وهي التي تترتب عليها سعادة العقبى والفلاح المؤبد ولذلك علل تصليته عليهم بقوله: (ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما).
وقد رتب سبحانه في كلامه على نسيانهم له نسيانه لهم وعلى ذكرهم له ذكره لهم فقال: (نسوا الله فنسيهم) التوبة: 67، وقال: (فاذكروني أذكركم) البقرة: 152 وتصليته عليهم ذكر منه لهم بالرحمة فان ذكروه كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا صلى عليهم كثيرا وغشيهم بالنور وأبعدهم من الظلمات.
ومن هنا يظهر أن قوله: (هو الذي يصلى عليكم) الخ، في مقام التعليل لقوله:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) وتفيد التعليل أنكم ان ذكرتم الله كثيرا ذكركم برحمته كثيرا وبالغ في اخراجكم من الظلمات إلى النور ويستفاد منه أن الظلمات انما هي ظلمات النسيان والغفلة والنور نور الذكر.
وقوله: (وكان بالمؤمنين رحيما) وضع الظاهر موضع المضمر، أعني قوله:
(بالمؤمنين) ولم يقل: وكان بكم رحيما، ليدل به على سبب الرحمة وهو وصف الايمان.
قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما) ظاهر السياق أن (تحيتهم) مصدر مضاف إلى المفعول أي انهم يحيون - بالبناء للمفعول - يوم يلقون ربهم من عند ربهم ومن ملائكته بالسلام أي انهم يوم اللقاء في أمن وسلام لا يصيبهم مكروه ولا يمسهم عذاب.
وقوله: (وأعد لهم أجرا كريما) أي وهيأ الله لهم ثوابا جزيلا.
قوله تعالى: (يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) شهادته صلى الله عليه وآله وسلم
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست