تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٠٩
منزلتهن ورفعة قدرهن لمكانهن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشرط في ذلك التقوى فبين أن فضيلتهن بالتقوى لا بالاتصال بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاهن عن الخضوع في القول وهو ترقيق الكلام وتليينه مع الرجال بحيث يدعو إلى الريبة وتثير الشهوة فيطمع الذي في قلبه مرض وهو فقدانه قوة الايمان التي تردعه عن الميل إلى الفحشاء.
وقوله: (وقلن قولا معروفا) أي كلاما معمولا مستقيما يعرفه الشرع والعرف الاسلامي وهو القول الذي لا يشير بلحنه إلى أزيد من مدلوله معرى عن الايماء إلى فساد وريبة.
قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى - إلى قوله - وأطعن الله ورسوله) (قرن) من قر يقر إذا ثبت وأصله اقررن حذفت إحدى الرائين أو من قار يقار إذا اجتمع كناية عن ثباتهن في بيوتهن ولزومهن لها، والتبرج الظهور للناس كظهور البروج لناظريها. والجاهلية الأولى الجاهلية قبل البعثة فالمراد الجاهلية القديمة، وقول بعضهم: ان المراد به زمان ما بين آدم ونوح عليهما السلام ثمان مائة سنة، وقول آخرين انها ما بين إدريس ونوح، وقول آخرين زمان داود وسليمان وقول آخرين أنه زمان ولادة إبراهيم، وقول آخرين انه زمان الفترة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم أقوال لا دليل يدل عليها.
وقوله: (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) أمر بامتثال الأوامر الدينية وقد أفرد الصلاة والزكاة بالذكر من بينها لكونهما ركنين في العبادات والمعاملات ثم جمع الجميع في قوله: (وأطعن الله ورسوله).
وطاعة الله هي امتثال تكاليفه الشرعية وطاعة رسوله فيما يأمر به وينهى بالولاية المجعولة له من عند الله كما قال: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
قوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) كلمة (انما) تدل على حصر الإرادة في اذهاب الرجس والتطهير وكلمة أهل البيت سواء كان لمجرد الاختصاص أو مدحا أو نداء يدل على اختصاص اذهاب الرجس والتطهير بالمخاطبين بقوله: (عنكم)، ففي الآية في الحقيقة قصران قصر الإرادة في اذهاب الرجس والتطهير وقصر اذهاب الرجس والتطهير في أهل البيت.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست