واحد كما لو نزل دفعة وقد نزلت التوراة دفعة فلم يتلقها اليهود بالقبول الا بعد نتق الجبل فوقهم كأنه ظلة.
لكن الأوفق بسياق الآيات السابقة وفيها مثل قولهم المحكي: " حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه " الظاهر في اقتراح نزول القرآن دفعة هو أن يكون المراد بتفريق القرآن انزاله سورة سورة وآية آية حسب تحقق أسباب النزول تدريجا وقد تكرر من الناس اقتراح أن ينزل القرآن جملة واحدة كما في: " وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة " الفرقان " 32، وقوله حكاية عن أهل الكتاب: " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء " النساء: 153.
ويؤيده تذييل الآية بقوله: " ونزلناه تنزيلا " فإن التنزيل وهو انزال الشئ تدريجا أمس بالاعتبار الثاني منه بالأول.
ومع ذلك فالاعتبار الثاني وهو تفصيل القرآن وتفريقه بحسب النزول بانزال بعضه بعد بعض من دون أن ينزل جملة واحدة يستلزم الاعتبار الأول وهو تفصيله وتفريقه إلى معارف وأحكام متبوعة مختلفه بعدما كان الجميع مندمجة في حقيقة واحده منطوية مجتمعة الاعراق في أصل واحد فارد.
ولذلك فصل الله سبحانه كتابه سورا وآيات بعدما ألبسه لباس اللفظ العربي ليسهل على الناس فهمه كما قال: " لعلكم تعقلون " ثم نوعها انواعا ورتبها ترتيبا فنزلها واحدة بعد واحدة عند قيام الحاجة إلى ذلك وعلى حسب حصول استعدادات الناس المختلفة وتمام قابليتهم بكل واحد منها وذلك في تمام ثلاث وعشرين سنة ليشفع التعليم بالتربية ويقرن العلم بالعمل.
وسنعود إلى البحث عن بعض ما يتعلق بالآية والسورة في كلام مستقل إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " قل آمنوا به أو لا تؤمنوا " إلى آخر الآيات الثلاث، المراد بالذين أوتوا العلم من قبله هم الذين تحققوا بالعلم بالله وآياته من قبل نزول القرآن سواء كانوا من اليهود أو النصارى أو غيرهم فلا موجب للتخصيص اللهم الا ان يقال: ان السياق