صلاة وأما لو أريد المجموع ولعله الاظهر كان المعنى لا تجهر في صلواتك كلها ولا تخافت فيها كلها بل اتخذ سبيلا وسطا تجهر في بعض وتخافت في بعض، وهذا المعنى أنسب بالنظر إلى ما ثبت في السنة من الجهر في بعض الفرائض اليومية كالصبح والمغرب والعشاء والاخفات في غيرها.
ولعل هذا الوجه أوفق بالنظر إلى اتصال ذيل الآية بصدرها فالجهر بالصلاة يناسب كونه تعالى عليا متعاليا والاخفاف يناسب كونه قريبا أقرب من حبل الوريد فاتخاذ الخصلتين جميعا في الصلوات أداء لحق أسمائه جميعا.
قوله تعالى: " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا " معطوف على قوله في الآية السابقة: " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان " ويرجع محصل الكلام إلى أن قل لهم إن ما تدعونها من الأسماء وتزعمون أنها آلهة معبودون غيره إنما هي أسماؤه وهي مملوكه له لا تملك أنفسها ولا شيئا لانفسها فدعاؤها دعاؤه فهو المعبود على كل حال.
ثم أحمده واثن عليه بما يتفرع على إطلاق ملكه فإنه لا يماثله شئ في ذات ولا صفة حتى يكون ولدا له إن اشتق عنه في ذات أو صفة كما تقوله الوثنية وأهل الكتاب من النصارى واليهود وقدماء المجوس في الملائكة أو الجن أو المسيح أو عزير والاحبار، أو يكون شريكا إن شاركه في الملك من غير اشتقاق كما تقوله الوثنيون والثنويون وغيرهم من عبدة الشيطان أو يكون وليا له إن شاركه في الملك وفاق عليه فأصلح من ملكه بعض ما لم يقدر هو على إصلاحه.
وبوجه آخر لا يجانسه شئ حتى يكون ولدا إن كان دونه أو شريكا له إن كان مساويا له في مرتبته أو وليا له إن كان فائقا عليه في الملك.
والآية في الحقيقة ثناء عليه تعالى بما له من إطلاق الملك الذي يتفرع عليه نفى الولد والشريك والولي ولذلك أمره صلى الله عليه وآله وسلم بالتحميد دون التسبيح مع أن المذكور فيها من نفي الولد والشريك والولي صفات سلبية والذي يناسبها التسبيح دون التحميد فافهم ذلك.