أبناء له تعالى فان إطلاق الولد والابن سواء كان على وجه الحقيقة أو التشريف يقتضى نوع مسانخة واشتراك بين الولد الوالد - أو الابن والأب - في حقيقة الذات أو كمال من كمالاته وساحة كبريائه منزهة من أن يشاركه شئ غيره في ذات أو كمال فإن الذي له هو لنفسه، والذي لغيره هو له لا لأنفسهم.
وكذا ظهور الخطأ في نسبه التصرف في الكون بأنواعه إليهم فإن هؤلاء الملائكة وكذا الأسماء التي هم مظاهر لها عندهم لا يملكون لأنفسهم شيئا ولا يستقلون دونه بشئ بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، وكذا الجن فيما يعملون وبالجملة ما من سبب من الأسباب الفعالة في الكون إلا وهو تعالى الذي ملكه القدرة على ما يعمله، وهو المالك لما ملكه والقادر على ما عليه أقدره.
وهذا هو الذي تفيده الآية التالية " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل " وسنكرر الإشارة إليه إن شاء الله.
وفي الآية دلالة على أن لفظة الجلالة من الأسماء الحسنى فهو في أصله - الاله - وصف يفيد معني المعبودية وإن عرضت عليه العلمية بكثرة الاستعمال كما يدل عليه صحة إجراء الصفات عليه يقال: الله الرحمن الرحيم ولا يقال الرحمن الله الرحيم وفي كلامه تعالى: " بسم الله الرحمن الرحيم ".
قوله تعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا " الجهر والاخفات وصفان متضائفان، يتصف بهما الأصوات، وربما يعتبر بينهما خصلة ثالثة هي بالنسبة إلى الجهر إخفات وبالنسبة إلى الاخفات جهر فيكون الجهر هو المبالغة في رفع الصوت، والاخفات هو المبالغة في خفضه وما بينهما هو الاعتدال فيكون معنى الآية لا تبالغ في صلاتك في الجهر ولا في الاخفات بل اسلك فيما بينهما سبيلا وهو الاعتدال وتسميته سبيلا لأنه سنة يستن بها هو ومن يقتدي به من أمته المؤمنين به.
هذا لو كان المراد بالصلاة في قوله: " بصلاتك " للاستغراق والمراد به كل صلاة