تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ٢١٠
عليه بخلق جديد فاحتج عليهم بأن خلق البدن أولا يثبت القدرة عليه وعلى مثله الذي هو الخلق الجديد للبعث فحكم الأمثال واحد.
فالمماثلة إنما هي من جهة مقايسة البدن الجديد من البدن الأول مع قطع النظر عن النفس التي هي الحافظة لوحدة الانسان وشخصيته ولا ينافي ذلك كون الانسان الأخروي عين الانسان الدنيوي لا مثله لان ملاك الوحدة والشخصية هي النفس الانسانية وهي محفوظة عند الله سبحانه غير باطلة ولا معدومة، وإذا تعلقت بالبدن المخلوق جديدا كان هو الانسان الدنيوي كما أن الانسان في الدنيا واحد شخصي باق على وحدته الشخصية مع تغير البدن بجميع أجزائه حينا بعد حين.
والدليل على أن النفس التي هي حقيقة الانسان محفوظة عند الله مع تفرق أجزاء البدن وفساد صورته قوله تعالى: " وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم " ألم السجدة: 11 حيث استشكلوا في المعاد بأنه تجديد للخلق بعد فناء الانسان بتفرق أجزاء بدنه فأجيب عنه بأن ملك الموت يتوفى الانسان ويأخذه تاما كاملا فلا يضل ولا يتلاشى وإنما الضال بدنه ولا ضير في ذلك فإن الله يجدده.
والدليل على أن الانسان المبعوث هو عين الانسان الدنيوي لا مثله جميع آيات القيامة الدالة على رجوع الانسان إليه تعالى وبعثه وسؤاله وحسابه ومجازاته بما عمل.
فهذا كله يشهد على أن المراد بالمماثلة ما ذكرناه، وإنما تعرض لأمر البدن حتى ينجر إلى ذكر المماثلة محاذاة لمتن ما استشكلوا به من قولهم: " أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا " فلم يضمنوا قولهم إلا شؤون البدن لا النفس المتوفاة منه، وإذا قطع النظر عن النفس كان البدن مماثلا للبدن، وإن كان مع اعتبارها عينا.
وذكر بعضهم: أن المراد بمثلهم نفسهم فهو من قبيل قولهم مثلك لا يفعل هذا أي أنت لا تفعله. وللمناقشة إليه سبيل والظاهر أن العناية في هذا التركيب أن مثلك لاشتماله على مثل ما فيك من الصفة لا يفعل هذا فأنت لا تفعله لمكان صفتك ففيه نفي الفعل بنفي سببه على سبيل الكناية، وهو آكد من قولنا: أنت لا تفعله.
وقوله: " وجعل لهم أجلا لا ريب فيه الظاهر أن المراد بالأجل هو زمان الموت
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 5
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 72
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 72
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 72
5 3 - الروايات 73
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 74
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 160
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 187
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 194
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 194
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 194
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 230
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 232
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 233
15 سورة الكهف 235
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 290
17 (9 - 26) 1 - الروايات 290
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 292
19 3 - القصة عند غير المسلمين 294
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 295
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 350
22 قصة موسى والخضر في القرآن 350
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 378
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 378
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 379
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 381
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 396