ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين - 62.
ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم - 63.
(بيان) الآيات تعقب القول في المنافقين وبيان حالهم وفيها ذكر أشياء من أقوالهم وأفعالهم، والبحث عما يكشف عنه من خبائث أوصافهم الباطنة واعتقاداتهم المبنية على الضلال.
قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا) الآية الفتنة ههنا - على ما يهدى إليه السياق - إما الالقاء إلى ما يفتتن ويغر به، وإما الالقاء في الفتنة والبلية الشاملة.
والمراد على الأول: ائذن لي في القعود وعدم الخروج إلى الجهاد، ولا تلقني في الفتنة بتوصيف ما في هذه الغزوة من نفائس الغنائم ومشتهيات الأنفس فافتتن بها وأضطر إلى الخروج، وعلى الثاني ائذن لي ولا تلقني إلى ما في هذه الغزوة من المحنة والمصيبة والبلية.
فأجاب الله عن قولهم بقولهم: (ألا في الفتنة سقطوا) ومعناه أنهم يحترزون بحسب زعمهم عن فتنة مترقبة من قبل الخروج، وقد أخطأوا فإن الذي هم عليه من الكفر والنفاق وسوء السريرة، ومن آثاره هذا القول الذي تفوهوا به هو بعينه فتنة سقطوا فيها فقد فتنهم الشيطان بالغرور، ووقعوا في مهلكة الكفر والضلال وفتنته.
هذا حالهم في هذه النشأة الدنيوية وأما في الآخرة فإن جهنم لمحيطة بالكافرين على حذو إحاطة الفتنة بهم في الدنيا وسقوطهم فيها فقوله: (ألا في الفتنة سقطوا) وقوله: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) كأنهما معا يفيدان معنى واحدا وهو ان هؤلاء واقعون في الفتنة والتهلكة ابدا في الدنيا والآخرة.