آجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن تبع السمعة يسمع الله به، ومن يصم يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذبه، اللهم اغفر لي ولأمتي. اللهم اغفر لي ولأمتي استغفر الله لي ولكم.
قال: فرغب الناس في الجهاد لما سمعوا هذا من رسول الله، وقدمت القبائل من العرب ممن استنفرهم، وقعد عنه قوم من المنافقين وغيرهم، ولقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجد بن قيس فقال له: يا أبا وهب ألا تنفر معنا في هذه الغزاة؟ لعلك ان تحتفد من بنات الأصفر فقال يا رسول الله: والله إن قومي ليعلمون ان ليس فيهم أشد عجبا بالنساء منى وأخاف إن خرجت معك ان لا اصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتني وائذن لي ان أقيم. وقال للجماعة من قومه: لا تخرجوا في الحر.
فقال ابنه: ترد على رسول الله وتقول له ما تقول ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحر والله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرؤه الناس إلى يوم القيامة فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين).
ثم قال الجد بن قيس: أيطمع محمد ان حرب الروم مثل حرب غيرهم. لا يرجع من هؤلاء أحد ابدا.
أقول: وقد روى هذه المعاني في روايات أخرى كثيرة من طرق الشيعة وأهل السنة.
وفي العيون بإسناده عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا على بن موسى عليه السلام فقال له: يا ابن رسول الله أليس من قولك: إن الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، فقال له المأمون - فيما سأله - يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم).
قال الرضا عليه السلام: هذا مما نزل: إياك أعني واسمعي يا جارة، خاطب الله تعالى بذلك نبيه وأراد به أمته، وكذلك قوله عز وجل: (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)، وقوله تعالى: (ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا). قال: صدقت يا ابن رسول الله.
أقول: ومضمون الرواية ينطبق على ما قدمناه في بيان الآية، دون ما ذكروه