وقوله: (وأن الله ليس بظلام للعبيد) معطوف على موضع قوله (ما قدمت) أي وذلك بأن الله ليس بظلام للعبيد أي لا يظلم أحدا من عبيده فإنه تعالى على صراط مستقيم لا تخلف ولا اختلاف في فعله فلو ظلم أحدا لظلم كل أحد، ولو كان ظالما لكان ظلاما للعبيد فافهم ذلك.
وسياق الآيات يشهد على أن المراد بهؤلاء الذين يصفهم الله سبحانه بأن الملائكة يتوفاهم ويعذبهم هم المقتولون ببدر من مشركي قريش.
قوله تعالى: (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله) إلى آخر الآية. الدأب والديدن: العادة وهى العمل الذي يدوم ويجرى عليه الانسان، والطريقة التي يسلكها والمعنى كفر هؤلاء يشبه كفر آل فرعون والذين من قبلهم من الأمم الخالية الكافرة كفروا بآيات الله وأذنبوا بذلك فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى لا يضعف عن اخذهم شديد العقاب إذا اخذ.
قوله تعالى: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الخ أي ان العقاب الذي يعاقب به الله سبحانه إنما يعقب نعمة إلهية سابقة بسلبها واستخلافها، ولا تزول نعمة من النعم الإلهية ولا تتبدل نقمة وعقابا إلا مع تبدل محله وهو النفوس الانسانية، فالنعمة التي أنعم بها على قوم إنما أفيضت عليهم لما استعدوا لها في أنفسهم، ولا يسلبونها ولا تتبدل بهم نقمة وعقابا إلا لتغييرهم ما بأنفسهم من الاستعداد وملاك الإفاضة وتلبسهم باستعداد العقاب.
وهذا ضابط كلى في تبدل النعمة إلى النقمة والعقاب، وأجمع منه قوله تعالى:
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد: 11 وإن كان ظاهره أظهر انطباقا على تبدل النعمة إلى النقمة.
وكيف كان فقوله: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا) الخ من قبيل التعليل بأمر عام وتطبيقه على مورده الخاص أي اخذ مشركي قريش بذنوبهم، وعقابهم بهذا العقاب الشديد، وتبديل نعمة الله عليهم عقابا شديدا إنما هو فرع من فروع سنة جارية إلهية هي ان الله لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وقوله: (وان الله سميع عليم) تعليل آخر بعد التعليل بقوله: (ذلك بأن