وقوله: " وهذه الأسماء الثلاثة أركان وحجب " الخ فإن الاسم المكنون المخزون لما كان اسما فهو تعين وظهور من الذات المتعالية، وإذ كان مكنونا بحسب ذاته غير ظاهر بحسب نفسه فظهوره عين عدم ظهوره وتعينه عين عدم تعينه، وهو ما يعبر عنه أحيانا بقولنا: إنه تعالى ليس بمحدود بحد حتى بهذا الحد العدمي لا يحيط به وصف ولا نعت حتى هذا الوصف السلبي، وهذا بعينه توصيف منا والذات المتعالية أعظم منه وأكبر.
ولازمه أن يكون اسم الجلالة الكاشف عن الذات المستجمعة لجميع صفات الكمال اسما من أسماء الذات دونها ودون هذا الاسم المكنون المخزون، وكذا " تبارك " و " تعالى " ثلاثة أسماء معا سدنة وحجابا للاسم المكنون من غير أن يتقدم بعضها بعضا وهذه الحجاب الثلاثة والاسم المكنون المحجوب بها جميعا دون الذات، وأما هي فلا ينتهي إليها إشارة ولا يقع عليها عبارة، إذ كلما تحكيه عبارة أو تومئ إليه إشارة اسم من الأسماء محدود بهذا النحو، والذات المتعالية أعلى منه وأجل.
وقوله: " وذلك قوله تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى " وجه الاستفادة أن الضمير في قوله " فله " راجع إلى " أي " وهو اسم شرط من الكنايات لا تعين لمعناه إلا عدم التعين، ومن المعلوم أن المراد بالله وبالرحمن في الآية هو مصداق اللفظين لا نفسهما فلم يقل ادعوا بالله أو بالرحمن بل ادعوا الله الآية فمدلول الآية أن الأسماء منسوبة قائمة جميعا بمقام لا خبر عنه ولا إشارة إليه إلا بعدم الخبر والإشارة فافهم ذلك.
وفي الرواية أخذ " تبارك " وكذا " تعالى " وكذا " لا تأخذه سنة ولا نوم " من الأسماء وهو مبني على مجرد الدلالة على الذات المأخوذة بصفة من صفاته من غير رعاية المصطلح الأدبي. والرواية من غرر الروايات تشير إلى مسألة هي أبعد سمكا من مستوى الأبحاث العامة والافهام المتعارفة، ولذلك اقتصرنا في شرح الرواية على مجرد الإشارات، وأما الايضاح التام فلا يتم إلا ببحث مبسوط خارج عن طوق المقام غير أنها لا تبتني على