أنتم أشد ظلما منا لأنكم ضالون في أنفسكم وقد أضللتمونا فليعذبكم الله عذابا ضعفا من النار، ثم رجعوا إلى ربهم بالدعاء عليهم وقالوا ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا.. الخ، فأجابهم الله وقال لكل ضعف ولكن لا تعلمون، ثم أجابتهم أولاهم وقالوا: فما كان لكم علينا من فضل الخ..
فمعنى الآية: " حتى إذا اداركوا " واجتمعوا بلحوق أخراهم لأولاهم " فيها " إي في النار تخاصموا " وقالت أخراهم " وهم اللاحقون مرتبة أو زمانا من التابعين " لأولاهم " وهم الملحوقون المتبوعون من رؤسائهم وأئمتهم، ومن آبائهم والأجيال السابقة عليهم زمانا الممهدين لهم الطريق إلى الضلال أنتم أضللتمونا بإعانتكم عليه فلتعذبوا بأشد من عذابنا فسألوا ربهم ذلك وقالوا: " ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار " يكون ضعف عذابنا لانهم ضلوا في أنفسهم وأضلوا غيرهم بالإعانة " قال " الله سبحانه لكل من الأولى والاخرى " ضعف من العذاب " أما أولاكم فإنهم ضلوا وأعانوكم على الضلال، وأما أنتم فإنكم ضللتم وأعنتموهم على الاضلال باتباع أمرهم وإجابة دعوة الرؤساء منهم، وتكثير سواد السابقين منهم باللحوق بهم " ولكن لا تعلمون " فإن العذاب إنما يتحقق أو يتم في مرحله الادراك والعلم. وأنتم تشاهدونهم أمثال أنفسكم في شمول العذاب وإحاطة النار فتتوهمون أن عذابهم مثل عذابكم وليس كذلك بل لهم من العذاب ما لا طريق لكم إلى إدراكه والشعور به كما أنهم بالنسبة إليكم كذلك فما عندكم وعندهم من العذاب ضعف ولكن إحاطة العذاب شغلكم عن العلم بذلك.
وهذا خطاب إلهي مبني على القهر والاذلال فيه تعذيب لهم يسمعه أولاهم وأخراهم جميعا فتعود به أولاهم لأخراهم بالتهكم وتقول كما حكى الله: " وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل " بخفة العذاب " فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون " في الدنيا من الذنوب والاثام.
قوله تعالى: " إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم " إلى آخر الآية. السم هو الثقب وجمعه السموم، والخياط والمخيط الابرة.
والذي نفاه الله تعالى من تفتيح أبواب السماء مطلق في نفسه يشمل الفتح لولوج