القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٤٣
النزول وأسبابه - وما يظهر من الاختلاف بين بعض الآيات في بادئ النظر يرتفع بالتفكر والتدبر في الآيات.
ولو فرضنا أن كمية كبيرة من الآيات المسماة بالمتشابهات تختلف مع كمية أخرى تسمى بالمحكمات ونرفع الاختلاف بينها بأن نذهب إلى أن ظاهرها غير مراد وما يراد منها معان لا يعلمها الا الله تعالى.. هكذا رفع الاختلاف لا يدل على أن القرآن ليس من كلام البشر.
وهكذا لو رفعنا الاختلاف بصرف ظاهر كل آية يخالف مضمونها أو يناقض الآيات المحكمة، فأولناها - حسب اصطلاح المتأخرين بأن حملناها على معنى خلاف الظاهر.
ورابعا - لا دليل اطلاقا على أن المراد من التأويل في آية المحكم والمتشابه هو المعنى خلاف الظاهر، كما لم يقصد مثل هذا المعنى في الآيات التي ذكرت فيها لفظة التأويل، فمثلا:
في قصة يوسف عليه السلام عبر في ثلاثة مواضع (1) عن

(1) ذكر رؤيا يوسف عليه السلام في الآية الثالثة من سورة يوسف إذ قال يوسف لأبيه يا أبت اني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين.
وذكر تأويل رؤياه في الآية 100 على لسان يوسف حينما رأى أبيه وأمه بعد سنين من الفراق ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا.
ورؤيا ملك مصر مذكور في الآية 43 وقال الملك اني أرى سبع بقرات يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات. وتأويله مذكور في الآية - 47 49 على لسان يوسف قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.
ورؤيا صاحبي يوسف في السجن مذكور في الآية 36 ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما اني أراني أعصر خمرا وقال الآخر اني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه.
وتأويله مذكور في الآية 41 على لسان يوسف يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذي فيه تستفتيان.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 43 44 45 46 47 48 ... » »»