بدوره يحقق التأويل، كما أن صاحب التأويل بقاؤه بالتأويل وظهوره في صاحبه.
وهذا المعنى جار في القرآن الكريم، لأن هذا الكتاب المقدس يستمد من منابع حقائق ومعنويات قطعت أغلال المادية والجسمانية، وهي أعلى مرتبة من الحس والمحسوس وأوسع من قوالب الألفاظ والعبارات التي هي نتيجة حياتنا المادية.
ان هذه الحقائق والمعنويات لا يمكن التعبير عنها بألفاظ محدودة، وانما هي إلفات للبشرية من عالم الغيب إلى ضرورة استعدادهم للوصول إلى السعادة بواسطة الالتزام بظواهر العقائد الحقة والأعمال الصالحة، ولا طريق للوصول إلى تلك السعادة الا بهذه الظواهر، وعندما ينتقل الانسان إلى العالم الآخر تتجلى له الحقائق المكشوفة، وهذا ما يدل عليه آيتا سورتي الأعراف ويونس المذكورتان.
والى هنا يشير أيضا قوله تعالى: ﴿حم * والكتاب المبين * انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم﴾ (1).
انطباق الآية على التأويل بالمعنى الذي ذكرناه واضح لا غبار عليه، وخاصة لأنه قال لعلكم تعقلون ولم يقل لعلكم تعقلونه، لأن علم التأويل خاص بالله تعالى كما جاء في آية