القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٤٨
المحكم والمتشابه وما يعلم تأويله الا الله، ولهذا عندما تريد الآية أن تذكر المنحرفين الذين يتبعون المتشابهات، فتصفهم بأنهم يبتغون الفتنة والتأويل ولم تصفهم بأنهم يجدون التأويل.
فإذا التأويل هو حقيقة أو حقائق مضبوطة في أم الكتاب ولا يعلمها الا الله تعالى وهي مما اختص بعالم الغيب.
وقال تعالى أيضا في آيات أخرى: ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم * وانه لقسم لو تعلمون عظيم * انه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه الا المطهرون * تنزيل من رب العالمين﴾ (1).
يظهر جليا من هذه الآيات أن للقرآن الكريم مقامان: مقام مكنون محفوظ من المس، ومقام التنزيل الذي يفهمه كل الناس.
والفائدة الزائد التي نستفيدها من هذه الآيات ولم نجدها في الآيات السابقة هي الاستثناء الوارد في قوله الا المطهرون الدال على أن هناك بعض من يمكن أن يدرك حقائق القرآن وتأويله. وهذا الاثبات لا ينافي النفي الوارد في قوله تعالى (وما يعلم تأويله الا الله)، لأن ضم إحداهما إلى الأخرى ينتج الاستقلال والتبعية، أي يعرف منها استقلال علمه تعالى بهذه الحقائق ولا يعرفها أحد الا باذنه عز شأنه وتعليم منه.

(١) سورة الواقعة: ٧٧، 78، 79، 80.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»