القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣١
ولا يؤمن الخطر عند القاء المعارف العالية كما أسلفنا.. يستعرض القرآن الكريم تعاليمه بأبسط المستويات التي تناسب العامة ويتكلم في حدود فهمهم ومداركهم الساذجة.
ان هذه الطريقة الحكيمة نتيجتها أن تبث المعارف العالية بلغة ساذجة يفهمها عامة الناس، وتؤدي ظواهر الألفاظ في هذه الطريقة عملية الالقاء بشكل محسوس أو ما يقرب منه وتبقى الحقائق المعنوية وراء ستار الظواهر فتتجلى حسب الأفهام ويدرك منها كل شخص بقدر عقله ومداركه.
يقول تعالى: ﴿انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم﴾ (١).
ويقول ممثلا للحق والباطل ومقدار الأفهام: ﴿أنزل من السماء ماءا فسالت أودية بقدرها﴾ (2).
ويقول الرسول صلى الله عليه وآله في حديث مشهور: انا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم (3).
ونتيجة أخرى لهذه الطريقة ان ظواهر الآيات تكون كأمثلة بالنسبة إلى البواطن، يعني بالنسبة إلى المعارف الإلهية التي هي أعلى مستوى من أفهام العامة، فتكون تلك الظواهر كأمثال تقرب المعارف المذكورة إلى الأفهام، يقول جل جلاله:

(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»