المعنى الحقيقي للتأويل في عرف القرآن:
ملخص ما نستفيده من الآيات الوارد فيها لفظ التأويل - وقد سبق ذكر بعضها - أنه ليس من قبيل المعنى الذي هو مدلول اللفظ. فان من الواضح أن ما نقل في سورة يوسف من رؤياه وتأويله لا يدل اللفظ الذي يشرح الرؤيا على تأويله دلالة لفظية، ولو كانت تلك الدلالة من قبيل خلاف الظاهر. وهكذا في قصة موسى والخضر عليهما السلام، فان ألفاظ القصة لا تدل على التأويل الذي ذكره الخضر لموسى. كما أنه في آية (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم) لا تدل هاتين الجملتين دلالة لفظية على وضع اقتصادي خاص هو التأويل للأمر الوارد فيها. وفي آية (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) لا تدل الآية دلالة لفظية على تأويله الذي هو الوحدة الاسلامية... وهكذا دواليك في الآيات الأخرى لو أمعنا النظر فيها.
بل في الرؤيا تأويله حقيقة خارجية رآها الراؤون في صورة خاصة، وفي قصة موسى والخضر تأويل الخضر حقيقة تنبع منها اعماله التي عملها، والأمر في آية الكيل والوزن تأويله مصلحة عامة تنبع منه، وآية رد النزاع إلى الله والرسول أيضا شبيهة بما ذكرناه.
فتأويل كل شئ حقيقة ينبع ذلك الشئ منها وذلك الشئ