الأولى تكلم في المنير والأنوار التي هي من صقع الفاعل وفى الثانية تكلم في المظلم والظلمات التي هي من ناحية القابل حتى يظهر للناقد البصير والمتوقد الخبير ان الملك لله تعالى والأنوار من صقعه وانه نور كل نور وظهور كل ظهور والفعليات والكمالات كلها طوارى وعواري للمواد وليس لها في ذواتها الا الفقر والامكان فان نسبة الشئ إلى فاعله بالوجوب والوجدان والى قابله بالامكان والفقدان فإذا أخذت المهيات والمواد بشرط لا ظهرت مقابحها ومساويها وان البقا والدوام لباريها وان الثبات والفعلية تعودان إلى عالم الربوبية وان الدنيا ونشأة الطبيعة داثرة فانية كما انها متجددة حادثة وأتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه انما سمى الفلك فلكا تشبيها بفلكة المنعزل في الدوران وفى ان يكون له المنطقة والمحور والقطبان والفرس أيضا سموه آسمان تشبيها له بالرحى لان آس بلغتهم الرحى ومان كلمة التشبيه والله سبحانه اتقن صنع الفلك ذاتا وصفة إما الذات فلان مادته أقوى من المادة العنصرية حيث إن مادة الفلك مخالفة بالنوع لمادة العناصر بل المواد العشر للعوالم العشرة متخالفات بالنوع ونوع كل واحدة منها منحصر في شخص فالمادة العنصرية لضعفها مشتركة بين العناصر والمواليد تخلع صورة منها وتلبس أخرى والمادة الفلكية لقوتها تتأبى كل نوع منها عن قبول غير صورتها ولا تخلى سبيلها وصورته احكم الصور إذ لا تقبل الانقلاب والكون من شئ والفساد إلى شئ وان قبل الوجود الاختراعي والفناء المحض والطمس الصرف كل شئ هالك الا وجهه والسماوات مطويات بيمينه ولا تقبل القسر والتضاد لتفسد بحول الضد وطروه في موقع الضد الأخر ولذا لا شر ولا ضر هناك ولا تركيب فيها حتى تدخل تحت قاعدة كل مركب ينحل ونفوسه أشرف النفوس الأرضية من حيث هي أرضية لان نفوس الأفلاك ملائكة مشتاقون لقاء ربهم الاعلى ومن زمرة المدبرات أمرا كما أن عقولها ملائكة مقربون عشاق إلهيون ومن زمرة الصافات صفا فليس الباعث على تحريك تلك النفوس أمرا شهويا أو غضبيا كجلب ملايم بدني أو دفع منافر بدني لبرائتها عنهما فوجود الشهوة والغضب فيها معطل عبث ولا نفع السوافل بالذات إذ لا التفات للعالي إلى السافل بالذات فتحريكها لأجل أمر عقلي عظيم الخطر جليل الشأن وهو التخلق باخلاق الملائكة المقربين من العقول التسعة كما أن غرض النفوس القدسية الناطقة المستكملة الأرضية في حركاتها العلمية والعملية هو التخلق باخلاق روح القدس من العقل العاشر والعقول لما كانت من صقع الربوبية واحكام السوائية
(٧)