كما جعل الله تعالى الشمس والقمر الحسيين سراج عالم الحس كذلك جعل الشمس والقمر الحقيقيين سراج كل العوالم وهما في تأويل العقل الكلى والنفس الكلية وهما واسطة ايصال نور الوجود وضوء الفعلية إلى المهيات والمواد ولولا هما لبقيت الكل في ظلمة العدم وغسق البطلان بل هما لله تعالى اليدان اللتان أزمة الأمور في قبضتهما فإنهما جامعان لها بنحو أعلى وأتم وبمصداق واحد بسيط وهي واجدة لهما حاكية كمالاتهما بنحو الضعف والتشتت فهما لف الوجودات والفعليات التي هي فيما دونهما وهذه نشر هما وهما رتقها وهي فتقهما وهما اجمالها وهي تفصيلهما وهما متنها وهي شرحهما إلى غير ذلك من العبارات وفى تأويل النبي والولي وهما واسطة ايصال أنور الشريعة والطريقة إلى أهل العالم ولولا هما لساخت الأرض بأهلها قال الله تعالى في موضع من كتابه المجيد قد جائكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور باذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم وفى موضع اخر يا أيها الناس قد جائكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا وفى اخر فامنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير وفى اخر يوم لا يخزى الله النبي والذين امنوا نورهم يسعى بين أيديهم وبايمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شئ قدير إلى غير ذلك من الآيات وان سئلت الحق فهما سلام الله عليهما كما نورا هذا العالم بتسنين السنن السنية وتقنين القوانين المتينة العلية وتأسيس السير العادلة والعادات الجيدة الفاضلة كك نورا قلوب أهل العالم بروحانيتهما اهداء وارشادا من طريق الباطن فان التعقل على التحقيق باتحاد العقل بالعقل الفعال وقد مر ان العقل الفعال المسمى بروح القدس في جنان الصاغورة ذاق من حدائقهم الباكورة والفرق بين الناويلين مع قربهما من وجوه وشدة تناسبهما من طرق ان المراد بالعقل والنفس الكليين في الأول ما هما في السلسلة النزولية ومن سلسلة المبادى والعلل وتبايط جود الأول على عالم الطبيعة وفى الثاني ما هما في السلسلة الصعودية ومن سلسلة الغايات وروابط الكثرات بالواحد القهار ومخرجي الظلمات إلى النور بقوة العزيز الجبار وهي العقول والنفوس التي تصير فعلية وفعالة بعد حركات جوهرية وكأنهم وهم في جلابيب أبدانهم قد نضوها بل عقول أولياء خلع النواسيت حالا أو ملكة ونفوس كلية إلهية وجواهر لاهوتية كما مر في حديث علي (ع)
(١٠٦)