المعنوي يستوى عليه الرحمن انتهى وبالجملة الموت والفناء من لوازم الحركة الجبلية والتوجه الغريزي للكل إلى الله فلكل وجهة هو موليها وما من دابة الا هو اخذ بناصيتها وان للطبايع غايات ولغاياتها غايات إلى أن ينتهى إلى غاية الغايات ومقتضى الحكمة والعناية ايصال كل ممكن لغاية وهذه الحركة وهذا التوجه وهذا الايصال في الانسان أظهر يا أيها الانسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه سيما الكامل منه فإنه باب الأبواب والكل قاصد عتبته يا بن ادم خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لا جلى ومن هنا ظهر حقيقة ما قال بعض أهل التحقيق ان الموت مطلوب بالاختيار والانسان متوجه إليه بالطوع والرغبة أي الرغبة الفطرية والطوع الجبلي والاختيار العقلي لا الرغبة الخيالية والوهمية ولكن أنت تعلم أنه ليس شراشر وجود الانسان هو الخيال والوهم ولا حذافير الرغبات والأشواق هو الشوق الحيواني بل إذا شرحت وجود الانسان كانت هي بعض مراتبه الدانية وإن كانت هي أيضا بصدد الاستكمال والبلوغ إلى غاية ما والتبدل من حال إلى حال ولكن كل ميسر لما خلق له فهى أيضا طالبة للموت من حيث لا تشعر ومن هنا قال تعالى فتمنوا الموت وقال علي (ع) والله لابن أبى طالب انس بالموت من الطفل ثدي امه وظهر أيضا وجه اطلاق قرة عين العارفين على الفناء والفناء له مراتب ثلث المحو والطمس والمحق فالمحو ان يرى كل فعل مستهلكا في فعله تعالى الواحد كما قال تعالى وما امرنا الا واحدة فيقول كما مر لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والطمس ان يرى كل صفة كمالية مقهورة مبهورة في صفته والأسماء الحسنى كلها لله والعظمة له والحمد له إذ الفضايل له أينما وقعت وفى الدعاء إليه يرجع عواقب الثناء فيقول لا إله إلا الله والمحق ان يشاهد كل وجود منطويا في وجوده فإنه الوجود الصرف والوجوب البحت والموجود في نفسه لنفسه بنفسه وكل ذات منمحقة عند ذاته فإنه القائم بالذات والقيوم على الاطلاق وكل هوية متلاشية في هويته فإنه هو المطلق وهوية كل هو فيقول يا هو يا من هو يا من لا هو الا هو وفى كل مقام من المقامات الثلاثة والتوحيدات الثلاثة ينطق بكلمات التوحيد المذكورات لسانا وحالا ومقاما وبعبارة أخرى تعلقا وتخلقا وتحققا وبعبارة أخرى فطرة وحالا واستقامة فاستقم كما امرت قال سلطان
(١١١)