لا تنقلب إلى صورة فان كل صورة تعاند وتنازع الصورة الأخرى فكيف تقبلها نعم الهيولي تقبل صورة زمانا ثم تخلع عنها تلك الصورة بعد ذلك الزمان وتكسو بدلها صورة أخرى في زمان اخر والا فان صارت صورة صورة كان ذلك انقلابا مستحيلا فلحم البدن لا يصير ترابا ولا دودا ولا غير ذلك بما هي صور لاباء كل وتعصيه عن الأخر فصورة البدن الدنيوي في حدها ومرتبتها أزلا وابدا صورة بدن وكذا صورة التراب والدود كل في حده هو هو وما يقال في المحاورات ان البدن أو اللحم صار ترابا معناه ان هيولى البدن أو اللحم التي هي أيضا بدن أو لحم لأنها أيضا جزئهما كالصورة صارت ترابا أي خلع عنها صورة البدن واكتست صورة التراب كما أنه إذا قيل في الانقلابات صار الماء هواء كان معناه ان المادة المكتسية صورة المائية خلعت عنها الصورة المائية وتلبست متعاقبة بالصورة الهوائية لأن الماء بما هو ماء صار هواء بما هو هواء والحاصل ان الصور جميعا سواء كانت آنيات الوجود أو زمانياته وسواء كانت الزمانيات قصيرة البقاء أو طويلته باقية في وعاء الدهر كما مر انه لا ينقص من خزائنه شئ وبهذا يدفع شبهة الاكل والمأكول إذ كما أشرنا صور أبدان المؤمنين المأكولة للكافر لا تصير صورة الكافر بل كل صورة لصاحبه والمادة هي المتحولة في الصور سواء كانت هي الهيولي الأولى أو الجسمية المطلقة والامتداد المطلق أو الأجزاء التي لا تتجزى أو الاجرام الصغار الصلبة ولما كانت الأجسام الأخروية صورا صرفة بلا هيولى فلا تصادم وازدحام فيها ولا مكان لها من جنس أمكنة هذا العالم بان يكون في شرق هذا العالم أو غربه أو علوه أو سفله كما في الصور التي في عالم مثالك الأصغر سواء تراها في يقظتك أو منامك بل الصور التي في المرائي أيضا لامكان لها في هذا العالم ولا تتطرق شبهة التناسخ أيضا لان تلك الصور من النفس كالظل اللازم لا كالمادة المستعدة لها كالابدان الدنيوية وان شئت سم ذلك تناسخا ملكوتيا فلنكتف بهذا القدر من الكلام في المعاد ولنرجع إلى شرح الأسماء الشريفة فنقول هو تعالى أول كل شئ لان الوجود المطلق الذي في كل شئ نور من ربه أول بالنسبة إلى كل أحواله ولذا كان كل شئ بما هو موجود مطلق من غير تخصص طبيعي أو تعليمي موضوع أول العلوم أعني الفلسفة الأولى وبالجملة كان الله ولم يكن معه شئ واخر كل شئ الا إلى الله تصير الأمور يفنى كل مظهر اسم في ذلك الاسم ثم يفنى ذلك الاسم في المسمى كمال الاخلاص نفى الصفات والأسماء وهو تعالى اله كل شئ ومالكه ملكوت كل شئ وأزمة وجوده بيده وهو اخذ بناصيته وهو رب كل شئ وصانعه وبارئ كل شئ
(٢٨٢)