أو بالجنان أو بالأركان وهذه الثلاثة أيضا من نعمه والقدرة على استعمالها والتوفيق للاستعمال نعمتان اخريان ففي شكر كل نعمة لا بد ان يشكر لهذه النعم لا أقل وهلم جرا وإذا قال سيد أولاد ادم لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فكيف تبلغ الخلايق شكره وفى خبر الايمان نصفه صبر ونصفه شكر وذلك لان الانسان لا يخلو عن حالة ملائمة وحالة غير ملائمة ففي الغير الملائمة يجب الصبر وفى الملائمة يجب الشكر بل السالك لابد ان يكون شاكرا على كل حال كما قال (ع) نحمدك على بلائك كما نشرك على نعمائك والا يقدر على أن يكون شاكرا فليكن راضيا والا يقدر على أن يكون راضيا فليكن صابرا وليس دون مقام الصبر الا الجزع والشقا ونهاية مقام الشكر عند العارف شهود المنعم في نعمه حتى يبدل وجوده بعدمه يا من لا تدرك الافهام جلاله يا من لا تنال الأوهام كنهه كما قال النبي صلى الله عليه وآله ان الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار وان الملا الاعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم ولذلك يطلق على الذات باعتبار الحضرة الأحدية غيب الغيوب والغيب المطلق والغيب المكنون والغيب المصون والمنقطع الوحداني ومنقطع الإشارات والتجلي الذاتي والكنز المخفي والعماء وغير ذلك وانما لا يدرك كنه الذات لما تقرر انه إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده فإذا كان ظهوره في قصيا مراتب الظهور انتج غاية الخفا وانعكس عكس الجلاء وأيضا لما كان قهار الكل فلم يبق أحد في سطوع نوره حتى يراه بل يتلاشى ويضمحل بتأجج نار محياه وأيضا هو تعالى بكل شئ محيط والمحيط لا يصير محاطا وأيضا الاحساس يتعلق بعالم الخلق والتعقل بعالم الامر فما هو فوق الخلق والامر لا يحس ولا يعقل وأيضا هو الوجود بشرط لا فكيف يوجد في موضوع العقل والحس وأيضا هو حقيقة الوجود العيني لا تحصل في الذهن إذ لو حصلت فيه انقلب العيني ذهنيا ان لم يترتب اثارها عليها ولم تحصل فيه فيلزم التناقض ان ترتبت اثارها عليها لان الموجود الذهني ما لا يترتب عليها الآثار وأيضا لو أدرك ذاته علما حضوريا لزم ان يكون هو تعالى إما عين المدرك أو معلوله لان العلم الحضوري منحصر في علم الشئ بنفسه وفى علم الشئ بمعلوله وان منع المشاؤن الثاني منهما وكلا اللازمين باطل لأنه هو ونحن نحن وانه يتعالى عن المعلولية علوا كبيرا فضلا عن معلوليته لمعلوله فما دام المدرك أنت وأمثالك لا يمكنك ادراكه لأنك لست إياه حتى تعلمه علما حضوريا فإنه متى بدا نار نوره غيبك ولا يمكنك في ساحة حضوره كما لم يمكن البعوضة في حضرة سليمان حتى يحاكم بينهما فريح
(٢١٠)