استفحل (1) أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعظم خطبه (2) فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته (3) وتوبيخه والاحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره عندهم ولعله ينزع (4) عما هو فيه من غيه (5) وباطله وتمرده (6) وطغيانه (7) فإن إنتهى وإلا عاملناه بالسيف الباتر قال أبو جهل فمن الذي يلي كلامه ومجادلته قال عبد الله بن أبي أمية المخزومي أنا إلى ذلك أفما ترضاني له قرنا (8) حسيبا (9) ومجادلا كفيا قال أبو جهل بلى فأتوه بأجمعهم فابتدأ عبد الله بن أبي أمية فقال يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هايلا زعمت أنك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسولا له بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشي في الأسواق كما نمشي فهذا ملك الروم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير مال عظيم خطر له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث الينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت يا محمد إلا رجلا مسحورا ولست بنبي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل بقي من كلامك شئ فقال بلى لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من بيننا مالا وأحسنه حالا فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم إما الوليد بن المغيرة بمكة وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل بقي من كلامك شئ فقال بلى لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه فإنها
(٢١٨)