وفي الاحتجاج وتفسير الإمام عليه السلام عند قوله تعالى قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين من سورة البقرة ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام نهوا عنه فقال الصادق عليه السلام لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وقوله تعالى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فالجدال بالتي هي أحسن قد أمر به العلماء بالدين والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا وكيف يحرم الله الجدال جملة وهو يقول وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى قال الله تعالى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين فجعل علم الصدق والأيمان بالبرهان وهل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن قيل يا ابن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن قال أما الجدال بغير التي هي أحسن فإن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله تعالى ولكن تجحد حقا يريد بذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام على شعيتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجة له على باطله وأما الضعفاء فتغتم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل وأما الجدال بالتي هي أحسن وهو ما أمر الله به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياء الله تعالى له فقال الله له حاكيا عنه وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم وقال الله في الرد عليه قل يا محمد يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا إلى آخر السورة فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم فقال الله قل يحييها الذي أنشأها أول مرة أفيعجز من ابتدائه لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ثم قال الذي جعل
(١٦٣)