التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٩٩
وهم ينظرون إليها وهي تهوى منقضة حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى على نبينا وآله و (عليه السلام) وقال اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها فتلة (1) مثلة وعقوبة واليهود ينظرون إليها ينظرون إلى شئ لم يروا مثله قط ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه.
فقام عيسى عليه السلام فتوضأ وصلى صلاة طويلة ثم كشف المنديل عنها وقال بسم الله خير الرازقين فإذا هو سمكة مشوية ليس عليها فلوس تسيل سيلا من الدسم وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وحولها من ألوان البقول ما عدا الكراث وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون وعلى الثاني عسل وعلى الثالث سمن وعلى الرابع جبن وعلى الخامس قديد.
فقال شمعون يا روح الله أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة؟ فقال عيسى (عليه السلام) ليس شئ مما ترون من طعام الدنيا ولا من طعام الآخرة ولكنه شئ افتعله الله بالقدرة الغالبة كلوا ما سألتم يمددكم ويرزقكم من فضله فقال الحواريون يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية اليوم آية أخرى فقال عيسى (عليه السلام) يا سمكة أحيي بإذن الله تعالى فاضطربت السمكة وعاد عليها فلوسها وشوكها وفرقوا منها فقال ما لكم تسألون أشياء إذا أعطيتموها كرهتموها ما أخوفني عليكم أن تعذبوا يا سمكة عودي كما كنت بإذن الله فعادت السمكة مشوية كما كانت فقالوا يا روح الله كن أول من يأكل منها ثم نأكل نحن فقال عيسى (عليه السلام) معاذ الله أن آكل منها ولكن يأكل منها من سألها فخافوا أن يأكلوا منها فدعا لها عيسى (عليه السلام) أهل الفاقة والزمنى (2) والمرض والمبتلين فقال كلوا منها ولكم الهناء ولغيركم البلاء فأكل منها ألف وثلاثمائة رجل وامرأة من فقير ومريض ومبتلى وكلهم شبعان تتجشأ. (3) ثم نظر عيسى (عليه السلام) إلى السمكة فإذا هي كهيئتها حين نزلت من السماء ثم

1 - قوله فتلة يقال فتله عن وجهه فانفتل أي صرفه فانصرف والمراد لعله لا تجعله سببا لانصراف النعمة.
2 - الزمانة العاهة وآفة في الحيوان يقال زمن الشخص زمنا وزمانة فهو زمن من باب تعب وهو مرض يدوم زمانا طويلا.
3 - التشجؤ تنفس المعدة.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست