التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
لخضنا معك، ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هيهنا قاعدون)، ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا وإنا معكما مقاتلون، فجزاه النبي خيرا ثم جلس.
ثم قال: أشيروا علي فقام سعد بن معاذ، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كأنك أردتنا؟ قال: نعم، قال: فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره، قال: نعم.
قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إننا قد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله، فمرنا بما شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، واترك منها ما شئت، والذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت، والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك، ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله والله ما خضت هذا الطريق قط وما لي به علم، وقد خلفنا بالمدينة قوما ليس نحن بأشد جهادا لك منهم ولو علموا أنه الحرب لما تخلفوا ولكن نعد لك الرواحل، ونلقى عدونا فإنا صبر عند اللقاء أنجاد في الحرب وإنا لنرجو أن يقر الله عينيك بنا فإن يك ما تحب فهو ذاك، وإن يك غير ذلك قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ويحدث الله غير ذلك كأني بمصرع فلان هيهنا، وبمصرع فلان هيهنا، وبمصرع أبي جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ومنبه ونبيه ابني الحجاج فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، ولن يخلف الله الميعاد.
فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) إلى قوله: (ولو كره المجرمون) فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر، وهي العدوة الشامية، وأقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية، وبعثت عبيدها تستعذب من الماء فأخذهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحبسوهم، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن عبيد قريش، قالوا: فأين العير؟ قالوا: لا علم لنا بالعير، فأقبلوا يضربونهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فانفتل من صلاته فقال: إن صدقوكم ضربتموهم، وإن كذبوكم تركتموهم علي بهم فأتوا بهم.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست