التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢
النقرة (1) اكترى ضمضم بن عمرو الخزاعي بعشرة دنانير وأعطاه قلوصا (2) وقال له: امض إلى قريش وأخبرهم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم والصباة (3) من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير، وأوصاه أن يحزم ناقته ويقطع أذنها حتى يسيل الدم، ويشق ثوبه من قبل ودبر، فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى ذنب العير وصاح بأعلى صوته: يا آل غالب يا آل غالب، اللطيمة (4) اللطيمة، العير العير، أدركوا أدركوا، وما أريكم تدركون فإن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم.
فخرج ضمضم يبادر إلى مكة ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا قد دخل مكة ينادي: يا آل غدر يا آل غدر، اغدوا إلى مصارعكم صبيح ثالثة ثم وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابه منه فلذة وكأن وادي مكة قد سال من أسفله دما.
فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك، فأخبر العباس عتبة بن ربيعة، فقال عتبة: هذه مصيبة تحدث في قريش، وفشت الرؤيا في قريش، وبلغ ذلك أبا جهل، فقال: ما رأت عاتكة هذه الرؤيا، وهذه تبنية ثانية في بني عبد المطلب، واللات والعزى لننتظرن ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقا فهو كما رأت، وإن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ولا نساء من بني هاشم، فلما مضى يوم، قال أبو جهل: هذا يوم قد مضى، فلما كان اليوم الثاني، قال أبو جهل: هذان يومان قد مضيا، فلما كان اليوم الثالث، وافى ضمضم ينادي في الوادي يا آل غالب: يا آل غالب، اللطيمة

١ - النقرة ويقال معدن النقرة وقد تكسر قافهما منزل لحاج العراق بين اضاخ ومأوان ق.
٢ - القلوص من الإبل الشابة أو الباقية على السير أو أول ما يركب من انائها إلى أن تثنى ثم هي ناقة والناقة الطويلة القوائم خاص بالإناث قلائص وقلص قلاص.
٣ - في النهاية يقال صبا فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره قال وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وآله الصاب لأنه خرج من دن قريش إلى دين الاسلام ويسمون المسلمين الصباة بغير همز كأنه جمع الصاب (منه رحمه الله).
4 - بمعنى ضرب الخد والظاهر في مثل المقام انه كناية عن الصدمة اي اسرعوا إلى علاجها أو أشكوا والعير العير أي أدركوهم ويمكن تقدير اسرعوا في الكل وغير ذلك أيضا.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست